lundi 21 novembre 2016

دخول الكافر حرم المدينة النبوية والمسجد النبوي


Class+ID test

القدس بين المطرقة والسنديان لست أدري إن كان ما يجري من أحداث في القدس، مخططاً له، أو مجرد توافق لمصالح مشتركة جعلت الوضع على ما هو عليه، وإن كنت لا أستبعد كون ما يجري من أحداث مخططاً لها بطريقة مشتركة تهدف إلى فرض الواقع على أبناء المدينة بغض النظر عن كونه حقاً أو لا، فلو كان الأمر بالتوافق غير المقصود لما عصفت بالمدينة تلك الأعاصير العاتية التي أذهبت معالم المدينة، وجعلت أهلها الشرعيين في غربة كاملة، بل ولما التفت حبال العنصرية حول رقاب المسلمين في القدس، وفرضت عليهم تلك الضرائب الباهظة التي وإن تركت لهم مجالاً للعيش فهو لسد احتياجاتهم الأساسية، أو قضاء ما عليهم من ديون "للدولة" ومن يلتفون بفلكها، ناهيك عن سياسة التهجير، والتخبيث العنصري، والهدم وعدم إعطاء التراخيص اللازمة إلا بشق الأنفس ولعدد محدود، وعدم توفر فرصة العمل إلا فيما تأباه النفوس الكريمة، ويجبر عليه الكرماء أخذاً بالضرورة. وهذا واقع لا يخفى على أحد، فقد سلطت وسائل الإعلام حتى المعادية منها الضوء على حقيقة ما يجري في القدس من مكائد للمدينة وأهلها، والعرب حكاماً وعامة ليسوا بعيدين عن تلك المهزلة ، فعويلهم المستمر على المدينة وأهلها لا يكاد يتوقف، وأصوات التأييد والمباركة لا تنقص خطاباتهم، ولا ترفع من شعاراتهم، ولسان حالهم وقالهم لأهل المدينة سيروا ونحن من ورائكم، وكان المنى أن يقف أولئك الباكون موقفاً مشرفاً يكتب لهم بمداد الذهب، ويجعل في صحائف حسناتهم، إلا أنه ومع الأسف لم نجد لا من الخاصة ولا من العامة ما يبرهن على صدق مواقفهم، وحقيقة أقوالهم، بل على خلاف ذلك وجدنا توافقاً من الأولياء قبل الأعداء على عدم التعامل مع الوضع الراهن إلا بالوعود الواهمة، فأبناء القدس ليسوا بحاجة إلى من يشاركهم بكاءهم ، أو يصف صعوبة أحوالهم، أو يحذرهم مما يكاد لهم، فهم أدرى الناس بذلك، لا أحد غيرهم يعيش مأساتهم، أو يذوق مرارة عيشهم، وصعوبة أحوالهم، لكنهم بحاجة إلى دعم حقيقي يعينهم على الصمود بوجه أعدائهم، والحيلولة دون تنفيذ مخططاتهم، وإعمال ما يتوافق مع مصالحهم العامة والخاصة، فهم بحاجة إلى من يخفف آلامهم، ويرفع عن كواهلهم أعباء الغموم والهموم مما أصابهم ويصيبهم، فإن أهل القدس حتى يستطيعوا الوقوف بوجه أعدائهم، أو يصمدوا في مدينتهم بحاجة إلى دعائم كثيرة كبيرة متنوعة، من أبرزها إنشاء مؤسسات اجتماعية تربوية، ومنشآت تجارية صناعية، ودعم سخي متواصل ليتمكنوا من الصمود مع ما يبذلونه من الجهود، ومن خلال النظرة المتأنية نرى أن أهل القدس في هامش فرعيات أعمال الداعمين لقضية القدس، فمؤسسات القدس المتجردة المتحررة من التبعية لحزب من الأحزاب، العاملة لتحقيق المصلحة العامة، لا تحصل على أي نوع من أنواع الدعم، رغم جهودها وصمودها، وإذا ما فكرت في التوجه إلى مؤسسة من تلك المؤسسات المتخمة بأموال العامة من خلال التبرعات لمدينة القدس، تضع شروطاً لا يكاد يقدر عليها أحد، وتماطل في المعاملات حتى ييأس الطامعون بكرمهم ويتمنوا أنهم ما طرقوا أبوابهم، ولا تتأثر تلك المؤسسات بضياع أهداف أهل المدينة المقدسة، ولو مثلنا لواقع مؤسستنا ( أهل السنة ) فإن لها من المشاريع الاجتماعية التربوية ما لا يخفى على أحد من أهل المدينة، فإن فروع المؤسسة كنار على علم، ومع ذلك لا تتلقى المؤسسة أي تبرع من أي جهة ما حكومية كانت أو خاصة، وإن كنا لا نطمع يوماً بوقوف المؤسسات الحكومية إلى جانبنا، بل نحقق فوزاً كبيرا ًإن جنبتنا تلك المؤسسات مكائدها والحيلولة دون عرقلة مشاريعنا، ولكن لومنا يقع على المؤسسات الخاصة، خاصة تلك التي ترفع شعارات الإسلام فوق عروش رؤسائها، والتي لا تعمل إلا بما يتوافق مع قرارات دولهم بغض النظر عن ما يترتب عليها من إضاعة وضياع، أو من خلف كاميرات التوثيق دعاية لكسب المزيد من التبرعات وتحقيق أطماع ذاتية، أو ينحصر دعمها مع من وافق فكرها وحقق أهدافها المعلنة والخفية، أما أن تقوم بدعم المؤسسات العاملة عملاً مستقلاً يسعى إلى تحقيق مصالح عامة في أناس أرهقتهم صعوبة العيش في المدينة المثقلة بجروحها فلا. ومن المؤسف أننا عندما ننظر إلى تلك المؤسسات التبشيرية في المدينة وما ينهال عليها من دعم سخي متواصل، وإقامة لمشاريع متهافتة تهدف إلى إخراج الناس من عقيدتهم، وتنكرهم لهويتهم، والأدهى والأمر أنها تدعم حتى من تلك المؤسسات المتباكية على عقيدة المسلمين، في الوقت الذي نرى فيه المؤسسات الإسلامية غير الحزبية تناشد بأصوات عالية أمة لا تكاد تسمع صرخاتهم، فكيف بأن تخفف آلامهم، أو تشد على أيديهم، وقد أصاب كثيراً من المؤسسات المقدسية الوهن مما أدى إلى تغليق العديد من المؤسسات، أو تجميد مشاريعها، وليست جمعية أهل السنة الخيرية عن ذلك ببعيد إذ قامت على تجميد مشاريعها كافة نظراً لتوقف الدعم عنها بعد ما تم تغليق المؤسسة الداعمة لها ( مؤسسة الحرمين الخيرية) وقد بذل القائمون على الجمعية جل جهودهم ليحولوا دون تجميدها أو ما حل بها من إغلاق كامل، ولكن كما قيل ( تسمع إذ ناديت حياً، ولكن لا حياة لمن تنادي ). وإن ما نخشاه حقاً أن يصيب مؤسسة السنة ما أصاب الجمعية من قبل، حيث لا مصادر للمؤسسة إلا من خلال ما تجنيه من أقساط داخلية أو منافذ قانونية لا تكاد تفي بأدنى المطلوب، ولا يخص الواضع الراهن مؤسسة دون مؤسسة، بل هو وضع عام، ومن المؤسف أننا نسمع أصواتاً عريضة تدعو إلى دعم القدس وأهلها دونما أي حقيقة واقعية تدل على صدق تلك الدعوات، وليت شعري كيف لأناس أي يطالبوا بالصمود في وجه مكائد أعدائهم في الوقت الذي لا يستطيعون فيه تلبية أدنى احتياجاتهم الأساسية. ومما يزد الأمور تعقيداً، عدم تعاون أهل القدس بعضهم مع بعض ليحققوا جميعاً مصالح عامة تؤدي إلى ثباتهم والتخلص من مخططات أعدائهم، بل كثير منهم من يسعون جاهدين في ترسيخ مخططات أعدائهم، من ذلك مساعدتهم على تفريغ المدينة من سكانها من حيث يشعرون أولا يشعرون، فعلى سبيل المثال أهل القدس يعانون من أزمات سكانية لصعوبة توفر المساكن نظراً للعراقيل التي توضع أمام البناء، مما يضطر كثير من الناس إلى البحث عن بدائل لهم، ولا شك أن البدائل تكمن في بيوت الإيجار، فنرى أصحاب العقارات يطالبون الناس البسطاء بأجور باهظة الثمن لا يقدرون على تأمينها، والأمر من ذلك أنهم يطالبونهم بدفع أموال مقدمة لسنة أو لأشهر، والأمر الواضح أن هؤلاء سيعجزون عن دفع المال لأصحاب البيوت ذوي القلوب المريضة، مما يحملهم هذا إلى الخروج من مدينة القدس، والسكن في بيوت خارج نطاق المدينة، وهذا ما يريده الأعداء حتما، وفي المقابل يضطر أصحاب البيوت في القدس، إما إلى تحويل المباني إلى مكاتب ومؤسسات تجارية، أو تأجيرها إلى مؤسسات أجنبية أو حتى تابعة لبلدية القدس أو غيرها من المؤسسات الحكومية، وهذا حتما كما قلت يخدم بشكل كبير مخططات الأعداء، وهو قضية من أبرز القضايا التي يواجهها المقدسيين، فأهل القدس المخلصون إما أمام مكائد أعدائهم، أو أطماع بني جنسهم الذين لا يهتمون إلا بتحقيق مصالح أنفسهم دون النظر إلى ما تدعو إليه الحاجة الماسة من رص الصفوف لما يتلاءم مع المصالح العامة. وعليه فإن من يتغنى بجراح القدس، ويدعو إلى الوقوف بجانب أهلها ليحملهم على الصمود والثبات في وجه أعدائهم ، عليه أن يعلم أن أهل القدس ليسوا بحاجة إلى شعارات، أو خطابات رنانة، كما أنهم ليسوا بحاجة دعم من خلال تلك المؤسسات التي لا ترى إلا أتباعها، أو ما يرجع عليهم بالمصلحة الذاتية من دعم بعض المشاريع العامة، بل هم بحاجة إلى دعم عام، دعم يصل إلى كل فرد من أفرادهم، ودعم لمؤسساتهم الاجتماعية المحايدة خاصة التربوية منها والفكرية، وبحاجة إلى توفير فرص عمل حقيقة يستطيعون من خلالها العيش بكرامة وثبات، أما مسألة جمع الأموال لمدينة القدس وأهلها على شاشات التلفاز، والجرائد العامة وما إلى ذلك من أساليب دون تحقق ذلك فعلاً على أرض الواقع، فإنها لا تزيد أهل القدس إلا إحباطاً وقتلاً لهممهم وعزائمهم، ويترك المجال حيا أمام أعدائهم ليوغلوا في تحقيق مصالحهم وسياستهم العنصرية في حق المدينة، وتهجير أهلها منها. كما وأقول لأولئك المنتسبين إلى مدينة القدس المتباكين على ما يحل بها من مصائب ونكبات من أصحاب العقارات وغيرهم، أقول لهم اتقوا الله في أنفسكم ولا تكونوا ممن يعين أعداءكم على تحقيق مصالحهم من خلال طمعهم وجشعكم، وأنانيتكم التي أصبحتم من خلالها لا ترون إلا أنفسكم، وحققوا مسألة التراحم بينكم من خلال رحمتكم أخوانكم فلا تضيقوا عليهم وتطروهم إلى الخروج من المدينة المباركة بسبب أطماعكم النتنة، فإن من لا يرحم لا يرحم، فكونوا متعاونين معهم على البر والتقوى، وحذار أن تدخلوا في التعاون مع أعدائكم ضد إخوانكم بالسير على مخططاتهم الدنيئة، واعلموا إن الله يمهل ولا يهمل، وأن ما أصاب أخوانكم من حاجة ليس منكم ببعيد، وأن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، ولا أعني بقولي هذا أن تفتحوا بيوتكم لإخوانكم صدقة منكم عليهم، وإن كان هذا والذي رفع السماء خيرا لكم في دينكم ودنياكم، وأقرب لكم إلى ربكم سبحانه كما هو حال الأنصار مع المهاجرين رضي الله تعالى عنهم ، لكن أقول اتقوا الله في أخوانكم من خلال التخفيف عنهم ببعض ما يثقل عليهم ويضيق عليهم، بالنسبة للإيجار، والصبر على معسرهم دون التضييق عليه إلى ميسرة، وعدم مطالبتهم بد فع أموال مقدمة فإن هذا ما يثقل كواهلهم، وإلا فإنكم تكونون من المجرمين الذين يدفعون بالأعداء نحو إعمال أهوائهم في المسلمين، ولا شك أن هذا باب من أباب موالاة الكافرين في تحقيق أهدافهم ضد أخوانهم المسلمين. ومن خلال النظرة العابرة السريعة تدرك أخي المسلم أن أهل القدس في مأساة مزدوجة، في مأساة تنكيل أعدائهم بهم، وحرمانهم من أبسط حقوق العيش، وتهديديهم بالطرد والنفي، وبين مأساة أخوانهم في الخارج من خلال التخلي عنهم إلا بالشعارات والخطابات دونما أثر في أرض الواقع، وبين أطماع أخوانهم وتعسيرهم عليهم وتحميلهم فوق ما لا يستطيعون والله سبحانه خير الناصرين، والحمد لله رب العالمين.

دخول الكافر حرم المدينة النبوية والمسجد النبوي نسخة للطباعةأرسل إلى صديق • لا يجوز لغير المسلمين السكن الدائم في المدينة النبوية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" (البخاري 3053, مسلم 1637). وقد اتفق أهل العلم على أن مكة والمدينة والحجاز بأسرها داخلة في الحديث واختلفوا فيما سواها (رد المحتار 4/208, الشرح الكبير 2/201, مغني المحتاج 6/66, كشاف القناع 3/135-136). • وقد أجمع أهل العلم على جواز دخول الكافر لحدود حرم المدينة بدون سكنى أو طول مكث، لعدم الدليل على النهي عن ذلك، والأصل الإباحة، مع ثبوت دخول كثير من الوفود والأفراد من الكفار على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة (رد المحتار 6/387, مواهب الجليل 3/381, روضة الطالبين 10/308-310, كشاف القناع 3/135). واختلفوا في حكم دخول المسجد النبوي كاختلافهم في حكم دخول المساجد عموماً. حكم دخول الكافر إلى المسجد: اختلف أهل العلم في حكم دخول المساجد غير البيت الحرام على أقوال، ويمكن أن نقسم الدخول إلى أحوال: 1- دخول الكافر المسجد بإذن المسلمين لمصلحة عمل أو دعوة ونحو ذلك. وذهب جماهير أهل العلم من الحنفية والشافعية والمالكية ورواية قوية عند الحنابلة إلى جوازها. (البحر الرائق 8/231, رد المحتار 6/387، منح الجليل 1/132، روضة الطالبين 1/297، الإنصاف 4/174). 2- دخوله لغير مصلحة أو بغير إذن المسلمين، فيمنعها جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة؛ لأننا أمرنا بتكريم بيوت الله وصيانتها، ومن ذلك منعهم من الدخول لغير مصلحة. والمراد بالمصلحة كل ما يقدره المسلمون من المصالح سواء كانت دعوة للكفار الزائرين، أو إصلاحات للمسجد، أو مصالح تعود على المسلمين عمومًا، أو غير ذلك. وقد دلَّ على جواز الدخول عدد من الأدلة والحوادث من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم, منها على سبيل المثال: • ربط ثمامة بن أثال في سارية المسجد قبل إسلامه (البخاري 462, مسلم 1764). • دخول وفد نجران من النصارى إلى المسجد. (سيرة ابن هشام 1/574). • دخول ضمام بن ثعلبة رضي الله عنه قبل إسلامه لما وفد من قومه وهم بنو سعد بن بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد. (البخاري 63). فعلى هذا يجوز دخول الكافر للمسجد بالشروط التالية: 1- إذن المسلمين له بالدخول، فليس دخول المسجد مستباحاً للكافر بدون إذن، أو ما يقوم مقام الإذن. 2- أن يكون لمصلحة واضحة كسماع القرآن أو رؤية المصلين؛ لتأليف قلبه، أو تعريف بالإسلام، أو بناء، أو إصلاح، ونحو ذلك من المصالح المعتبرة. 3- أن لا يكون في دخولهم ابتذال للمسجد، أو إنقاص من مكانته وهيبته وحرمته، كأن تدخل المرأة بلباس شبه عار، أو يدخل الرجل بحذائه ملوثاً لبساط المسجد، أو رفع صوتهم، أو إشغالهم للمسلمين بالتصوير ونحو ذلك، قال الماوردي: "ما لم يقصد بالدخول استبذالها بأكل أو نوم فيمنعوا" (الأحكام السلطانية ص 261). وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إنشاد الضالة في المساجد، وهو فعل مباح في الأصل، ولكن فيه إنقاصاً من حرمة المسجد، فقال عليه الصلاة والسلام: "إن المساجد لم تُبْن لهذا" (رواه مسلم 568). ولا يشترط في دخول الكافر عدم الجنابة؛ لعدم النقل والدليل عليه مع تعدد أخبار دخول الكفار لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم. 1. يحرم تمكين الكافر من السكنى والإقامة الدائمة في المدينة النبوية . 2. يجوز دخول الكافر حدود حرم المدينة اتفاقاً إذا لم تطل مدة المكث. 3. اختلف أهل العلم في حكم دخول الكافر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كاختلافهم في دخول الكافر لبقية المساجد. 4. يجوز دخول الكافر للمسجد بإذن المسلمين وبدون ابتذال إذا وجدت المصلحة. أحكام فقهية للدليل الفقهي

دخول أوقات الصلاة في الطائرة نسخة للطباعةأرسل إلى صديق يشكل على كثير من الناس معرفة أوقات الصلوات والصيام والإفطار في الطائرة،وهل يعتمد على التقاويم أو الرؤية المجردة، ولتوضيح ذلك يقال: علّق الشارع العبادات بعلامات ظاهرة: علّق الشارع أوقات العبادات الشرعية بعلامات ظاهرة للناس؛ كغروب الشمس، وغياب الشفق، وطلوع الفجر، ونحو ذلك.ويمكن للمسلم معرفة ذلك بطريقين: 1- أن يرى هذه العلامات بنفسه كما قال الله تعالى: }وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ{. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا غابت الشمس من ها هنا، وجاء الليل من ها هنا، فقد أفطر الصائم" (مسلم 1101). 2- أن يعتمد على إخبار الثقة له بذلك, كما كان يفعل ابن أم مكتوم رضي الله عنه، وقد كان يؤذن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان رجلاً أعمى لايؤذن للفجرحتى يقال له: أصبحت.. أصبحت.(البخاري592). وعمل الناس بالتقاويم والإمساكيات هو من قبيل العمل بخبر الثقة في دخول الوقت. هناك فرق في دخول الوقت بين الأرض المنخفضة والمناطق المرتفعة: لا شك في الفرق الظاهر البين في رؤية العلامات الشرعية بين رؤيتها من على سهول وأودية وأرض منخفضة أو من ارتفاع شاهق كالجبال العظيمةحتى لو تجاورت في خطوط الطول والعرض، فمن باب أولى الفرق بين الأرض و الطائرة أثناء طيرانها وعلوها(انظر: رد المحتار 2/420, مواهب الجليل 1/392, حاشية الروض المربع 1/473). وربما دخل وقت المغرب بغروب الشمس في المدينة التي تحت الطائرة على الأرض بينما ركاب الطائرة ما زالوا يرونها لم تغب بعد,وقد يكون الفارق قرابة 10 دقائق في بعض الأحوال، وهكذا في اختلاف بقية العلامات. والسبب في ذلك انحناء سطح الأرض وكرويتها، ويزداد الأفق المرئي سعة كلما زاد الارتفاع، فعلى ارتفاع مائة متر مثلاً نستطيع أن نرى أفقًا على امتداد دائرة نصف قطرها ستة وثلاثون كيلومترًا، أما على ارتفاع أربعمائة متر فنرى أفقًا على امتداد دائرة نصف قطرها ثمانية وسبعون كيلومترًا، وعلى ارتفاع ألف متر نرى أفقًا على امتداد دائرة نصف قطرها مائة واثنتا عشرة كيلومتر وهكذا. ومنه يتبين أن المشاهِد الذي يكون على قمة جبل، سيرى شروق الشمس قبل المشاهِد الذي يرصدها من على سطح البحر، علمًا بأن الأوقات المذكورة في التقويم عادة محسوبة لمستوى سطح البحر. ولهذا كان أهل العلم ينبهون على الفرق في غروب الشمس بين أرض الإسكندرية وبين منارتها المرتفعة: "وحكي عن أبي عبد الله بن أبي موسى الضرير أنه استفتي في أهل إسكندرية أن الشمس تغرب بها ومن على منارتها يرى الشمس بعد ذلك بزمان كثير. فقال: يحل لأهل البلد الفطر ولا يحل لمن على رأس المنارة إذا كان يرى غروب الشمس؛ لأن مغرب الشمس يختلف كما يختلف مطلعها، فيعتبر في أهل كل موضع مغربه"(بدائع الصنائع 2/ 83). والقول بأن الهواء له حكم القرار لا يصح على إطلاقه، فهو وإن كان صحيحًا في عدد من الأحكام إلا أنه لا يطرد في جميع الأحكام إذا ثبت ما يخالف ذلك(انظر: شرح العمدة 1/474). الأوقات ثلاثة بالنسبة لصلاة المسافر: من رحمة الله بعباده أن أوقات الصلوات بالنسبة للمسافر ثلاثة وليست خمسة: 1- وقت الفجر: من طلوع الفجر وحتى شروق الشمس. 2- وقت الظهر والعصر: من زوال الشمس إلى غروب الشمس اضطراراً. 3- وقت المغرب والعشاء: من غروب الشمس إلى منتصف الليل. كيف أعرف الوقت على الطائرة؟ يحتاج المسافر لمعرفة الأوقات التالية: 1- غروب الشمس: يهتم المسافر على متن الطائرة بمعرفة وقت غروب الشمس حتى يفطر إن كان صائماً، ويدخل وقت صلاتي المغرب والعشاء. وعليه أن يرى غروب قرص الشمس في الأفق بنفسه أو بخبر الثقة من المسافرين، فإن لم يمكنه ذلك ويعرف وقت الغروب في أقرب مدينة على الأرض؛ فيضع ذلك الوقت ويحتاط بعده حتى يتيقن أو يغلب على ظنه غروب الشمس؛لأن الأصل عدم الغروب، ويختلف قدر ذلك الاحتياط بما يراه من نافذة الطائرة، وبارتفاع الطيران، وباتجاه الطائرة للشرق أو الغرب. 2- طلوع الفجر: ويهتم بها المسافر لمعرفة وقت الإمساك والصيام وليؤدي صلاة الفجر على الطائرة في وقتها قبل شروق الشمس. ويمكن للمسافر أن يرى طلوع الفجر الصادق (وهو البياض المعترض في الأفق) بنفسه، أو بخبر الثقة الذي رآه، فإن لم يمكنه ذلك فيحتاط للفجر، وذلك بأن يمسك للصيام قبل دخول الفجر على الأرض لأن الفجر يرى من الارتفاع الشاهق قبل رؤيته على الأرض، ولا يصلي إلا عند اليقين أو غلبة الظن بدخول الفجر. 3- زوال الشمس: وهو الوقت الذي يدخل به وقت صلاة الظهر والعصر للمسافر. وقد يصعب معرفة زوال الشمس للمسافر على الطائرة،ويمكن له أن يعتمد على التقويم لزوال الشمس في أقرب مدينة له على الأرض, ولا يلزمه معرفة الأمر على وجه الدقة؛ لأن وقت الصلاتين موسع فيحتاط لذلك بتأخير الصلاة. تذكر 1. علق الشارع العبادات بعلامات ظاهرة للناس ويمكن للمسلم معرفتها برؤيتها بنفسه أو بخبر الثقة عن ذلك. 2. هناك فرق في دخول الوقت بين الأماكن المرتفعة كالجبال والمنخفضة كالأودية ويظهر ذلك جليًا في الطائرة . 3. الأوقات بالنسبة للمسافر ثلاثة لا خمسة. 4. وقت الفجر للإمساك في الصيام وأداء صلاة الفجر، ويمكن للمسافر أن يراه أو يحتاط له بالإمساك قبل دخوله على الأرض بزمن كاف. 5. غروب الشمس لإفطار الصائم وأداء صلاتي المغرب والعشاء، ويمكن للمسافر رؤية الغروب بنفسه وهو على الطائرة، أو يحتاط له بعد دخوله على الأرض بوقت كاف. 6. زوال الشمس لأداء صلاة الظهر والعصر، ويمكن للمسافر أن يعتمد على التقويم ويحتاط بعده. للاستزادة: حكم السفر يوم الجمعة الصلاة في الطائرة قصر الصلاة للمسافر جمع الصلاة للمسافر مكان الصلاة حكم صلاة الجمعة للمسافر جمع العصر مع الجمعة

جمع العصر مع الجمعة نسخة للطباعةأرسل إلى صديق لا تجب صلاة الجمعة على المسافر بنفسه, وإن صلاها مع المستوطنين أجزأته عن صلاة الظهر بالإجماع (انظر: الجمعة للمسافر ص122). كما يجوز للمسافر جمع الظهر مع العصر, وجمع المغرب مع العشاء جمع تقديم أو تأخير (انظر: ص96). لكن هل يجمع العصر إلى الجمعة إذا صلى الجمعة مع المستوطنين؟ اختلف أهل العلم القائلون بجواز جمع الصلاتين للمسافر على أقوال: 1- ذهب الحنابلة إلى عدم جواز جمع الجمعة مع العصر مطلقا (كشاف القناع 2/21, مطالب أولي النهى 1/755). واستدلوا على ذلك بعدد من الأدلة منها: 1- عدم ورود الدليل على ذلك, والأصل في العبادات المنع إلا بدليل. 2- لا قياس في العبادات, فلا تقاس الجمعة على الظهر. 3- الجمعة صلاة مستقلة، وتفترق أحكامها عن الظهر بفروق كثيرة تمنع أن تلحق إحدى الصلاتين بالأخرى. 4- وقوع المطر الذي فيه المشقة في عهد النبي صلي الله عليه وسلم ولم يرد أنه جمع فيه بين العصر والجمعة كما في قصة الأعرابي الذي قام يوم الجمعة وطلب الدعاء بالمطر فدعا النبي صلى الله عليه وسلم فنزل المطر وتوالى حتى الجمعة التي تليها (انظر: البخاري 933), ومثل هذا يوجب أن يكون في الطرقات وحل يبيح الجمع لو كان جائزاً بين العصر والجمعة لكن ذلك لم يرد. 2- وذهب جمهور أهل العلم إلى جواز جمع الجمعة مع العصر: • فذهب الشافعية إلى جواز جمع الجمعة مع العصر جمع تقديم لجواز الجمع بين الظهر والعصر, ويمتنع تأخيرا لأن الجمعة لا يتأتى تأخيرها عن وقتها (المجموع 4/383, أسنى المطالب 1/242, تحفة الحبيب 2/175،). • ومقتضى قول المالكية جواز الجمع بينهما مطلقًا؛ لأنهم ذكروا أن وقت الجمعة ممتد إلى ما قبل الغروب (شرح الخرشي وحاشية العدوي 2/72-73, منح الجليل 1/424-425). ويستدل على جواز الجمع بأمور منها: 1- معنى الجمع بين الصلاتين هو وضع إحداهما في وقت الأخرى، وهذا حاصل بالجمعة، ووقت الجمعة لم يتغير وإنما قدمنا العصر، ولا فرق بين عصر السبت والخميس وبين عصر الجمعة في جواز نقل صلاة العصر إلى وقت الصلاة التي قبلها. 2- خفف الله عن المسافر فلم يوجب عليه صلاة الجمعة, وجعل السفر أحد الأعذار المسقطة لوجوبها عليه، ومع ذلك تصح منه إذا حضرها، تيسيراً من الله ورحمة، فكيف يشدد عليه بمنعه من جمع صلاة العصر معها. 3- اتحاد الوقت بين صلاتي الظهر والجمعة على الصحيح من أقوال أهل العلم, والمعول في الجمع على الوقت. 4- إذا وجدت علة الجمع وجد الحكم معها, والشارع لا يفرّق بين المتماثلات؛ كما أنه لا يجمع بين المختلفات, فما الفرق بين جمع الجمعة مع العصر وجمع الظهر مع العصر إذا استويا في المشقة أو كانت المشقة في يوم الجمعة أشد. 5- لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي أن يجمع المسافر العصر مع الجمعة، مع كثرة وقوع السفر يوم الجمعة، ولو كان لا يجوز لنقل ذلك. والراجح من أقوال أهل العلم جواز جمع العصر مع الجمعة جمع تقديم فقط؛ لأن الجمعة لا يتأتى تأخيرها عن وقتها. أما كون الجمعة صلاة مستقلة ولا تقاس على الظهر فيقال: 1- إن هذا قياس في باب الرخص وهو معمول به عند الأصوليين (انظر: البحر المحيط 4/52، شرح الكوكب المنير 4/220). 2- الجمعة والظهر يتفقان في مسائل كثيرة, منها الأعذار التي تبيح التخلف عنهما, وجوازها في الرحال في المطر الشديد، وتزيد الجمعة في حق المسافر أنها لا تجب عليه. وقد قال بقياس الجمعة على الظهر أنس بن مالك رضي الله عنه، ونحا نحوه البخاري في صحيحه، فقد عقد باباً فيه بقوله: "باب إذا اشتد الحر يوم الجمعة", وأورد فيه حديث أنس بن مالك يقول: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكَّر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة" يعني الجمعة (906). قال الحافظ ابن حجر: "وعرف بهذا أن الإبراد بالجمعة عند أنس إنما هو بالقياس على الظهر" (فتح الباري 2/389). كما أن عدم نقل الجمع بين الجمعة والعصر في قصة الأعرابي لا يدل على عدم المشروعية لأمور: • احتمال وقوع الجمع وأن الراوي لم يذكر كل التفاصيل بدليل أن المطر استمر لمدة أسبوع ولم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في تلك الأيام. • أنه قد وردت الرخصة في ترك الجمعة لأجل المطر الشديد والوحل، كما في حديث ابن عباس أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: "إذا قلتَ أشهد أن محمدًا رسول الله، فلا تقل: حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم" فكأن الناس استنكروا، قال: "فعله من هو خير مني، إن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أحرجكم فتمشون في الطين والدحض" (البخاري 901, مسلم 699). • وفي حديث الأعرابي لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الجمعة ولم يرخص للناس في تركها فقد يفهم أن ذلك كان قبل الرخصة. تذكر 1.لا تجب صلاة الجمعة على المسافر بنفسه ولكن إن صلاها مع المستوطنين أجزأته عن الظهر. 2. إذا صلى المسافر الجمعة مع أهل البلد فاختلف أهل العلم في جواز أن يجمع العصر معها . 3. الراجـح من أقوال أهل العلم جواز جمع الجمعة مع العصر جمع التقديم. 4. وقت الجمعة على الصحيح هو وقت صلاة الظهر ابتداء وانتهاءً. فائدة كيف تُقضى الجمعة؟ أجمعت الأمة على أن الجمعة لا تقضى على صورتها جمعة, ولكن من فاتته الجمعة صلاها ظهرًا (المجموع 4/509).

الرئيسية السيرة الذاتية الكتب المرئيات دفتر الزوار بحث اتصال English 2895 سعادة العائلة الحــب في القرآن لعل البعض يعجب من عنوان كهذا .. فكيف يكون الحب في القرآن !! وما هو كنهه؟ وما هي أنواعه ..؟ وربما ينسى البعض أن الإسلام هو دين الحب ، وأن المؤمن لا يجد حلاوة الإيمان إلا إذا أحس بحرارة الحب في قلبه . وقد أمرنا ديننا بالحب ، ودعانا إليه ... يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه ، وأحبوني لحب الله ، وأحبوا آل بيتي لحبي " رواه الترمذي . وعن أنس بن مالك أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم متى الساعة يا رسول الله ؟ قال : وماذا أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله. قال : "أنت مع من أحببت". رواه البخاري. يقول أنس – رضي الله عنه - فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم أنت مع من أحببت ، فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم . وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم : الرجل يحب القوم ولما يحلق بهم.قال : " المرء مع من أحب" والإيمان في الإسلام قائم على المحبة ، ومؤسس على المودة .. يقول عليه الصلاة والسلام: " والذي نفسي بيده ، لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولن تؤمنوا حتى تحابوا ، ألا أدلكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم : أفشوا السلام بينكم " . رواه أبو داوود . فجعل الفوز بالجنة مرتبطا بالإيمان ، وجعل الإيمان متوقفا على المحبة والمودة . فأحبب الخير لغيرك ، فإن ذلك من كمال الإيمان . يقول عليه الصلاة والسلام : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه – أو قال لجاره - ما يحب لنفسه " رواه مسلم . حب الله تعالى للعبد : والله جل في علاه يحب من أحب دينه واتبع ملته وشريعته .. يحب ربي من أخلص له وأناب إليه ، ولاذ إلى رحابه . يحب من يتسامى في حبه ، ويجاهد في سبيله لنصرة دينه . قال الله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ " "الصف 4" . والله تعالى يحب التوابين ، فتب إلى الله تكن حبيباً لله . قال الله تعالى في محكم كتابه : " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ " "البقرة 222". يقول الدكتور موسى بن الشريف : إننا نخطئ في حق الله تعالى ، ونقع في وحل المعصية ، وبحر الشهوات ، ونتلطخ بأدران الإثم .. ثم يصحو الضمير ويستيقظ ، وتطارد الخطيئة المذنب .. ويحس بثقلها على نفسه كأنها الجبل ، ويتجسم أمام عينيه فظاعة ما ارتكب في حق الله تعالى فتضيق الأرض بما رحبت ، فلا يلجأ إلا إلى الله تعالى ، ففراره من الله إلى الله تعالى.. إليه الملجأ وإليه المآل . قال الله تعالى : " وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ" "آل عمران135 ". والتوبة رجوع إلى الله وما أحلى الرجوع إليه... وقد أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام : " لو يعلم المدبرون عني كيف انتظاري لهم ورفقي بهم وشوقي إلى ترك معاصيهم لماتوا شوقا لي . هذه إرادتي في المدبرين عني ، فكيف إرادتي في المقبلين علي يا داود . أرحم ما أكون بعبدي إذا أدبر عني ، وأجل ما يكون عندي إذا رجع إلي" . والله تعالى يلقي محبته على من يحبه ، وأي منزلة أعلى ، بل وأي درجة أكمل من أن يقول الله تعالى لعبده : " وألقيت عليك محبة مني " .. فمحبة الله تعالى العزيز المتعال ، وهو في عليائه وكبريائه ، للعبد وهو في ذلّه وضعفه هو العطاء عينه ، وهي النعمة والمنة من الله تعالى ذي الكرم والجود .. قال الله تعالى :" قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ " "يونس 58 ". والمؤمنون يحبون : ومحبتهم هي الأقوى لله تعالى مصداقا لقوله تعالى " وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ " ."البقرة 165" . والحب تقرب وعطاء .. تقرب من المحب ، وعطاء من المحبوب . يقول الله تعالى في الحديث القدسي : " وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه " . رواه البخاري . أحبب الله : أحبب الله فنحن مأمورون بحب الله. يقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : " أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه " . وهل هناك غير الله تعالى أحق بالحب ؟ ، وهو الخالق البارئ ، الذي خلقك أيها الإنسان فصوَرك وركَبك .. المنعم عليك بجميع النعم صغيرها وكبيرها !! يقول الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله : " من أنست نفسه بالله لم يجد لذة في الأنس بغيره ... ومن أشرق قلبه بالنور لم يعد فيه متسع للظلام ... ومن سمت روحه بالتقوى لم يرض إلا سكنى السماء... ومن أحب معالي الأمور لم يجد مستقرا إلا الجنة ... ومن أحب العظماء لم يقنعه إلا أن يكون مع محمد صلى الله عليه وسلم... ومن أدرك أسرار الحياة لم ير جديرا بالحب حق الحب إلا الله تبارك وتعالى". ولا تجعلن محبة غير الله تعالى فوق محبة الله . فالله تعالى يتوعد من شغلته محبة غيره عن محبته جل في علاه . قال الله تعالى :" قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" " التوبة 24. يقول ابن القيم – رحمه الله – في مدارج السالكين : " وأصل العبادة محبة الله ، بل إفراده بالمحبة ، وأن يكون الحب كله لله ، فلا يحب معه سواه ، وإنما يحب لأجله وفيه " . ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في رسالته "العبودية : " إن العبادة المأمور بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب ، فهي تتضمن غاية الذل لله تعالى بغاية المحبة له ، فإن آخر مراتب الحب هو التتيم ، وأوله العلاقة ، لتعلق القلب بالمحبوب ، ثم الصبابة ( لانصباب القلب إليه ) ، ثم الغرام ، وهو الحب الملازم للقلب ، ثم العشق ، وآخرها : التتيم ، يقال : تيْم الله أي : عبد الله .فالمتيَم : هو المعبَد لمحبوبه " . والمحب يطيع من أحب ، وينفذ أوامره في سعادة وسرور .. يقول ابن المبارك : تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمري في القياس شنيع لو كان حبك صــادقا لأطعته إن المحب لمن يحب مطـيع وهكذا يكون طريق المحبة : أوله أمر إلهي .. وآخره طاعة لله تعالى واستجابة لأمره. لماذا تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأنه حبيب الله تعالى وخليله ، وأحب خلق الله إلى الله . ولأن الله تعالى أدبه .. فأحسن تأديبه .. ولأن الله تعالى علَمه ، فجَمل علمه بالخلق العظيم (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ) النساء 113 ولأن الله تعالى اصطفاه على الناس برسالته الخالدة ، وبعثه للناس رحمة للعالمين . ولأن مبعثه للناس نعمة ومنَة(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)آل عمران164. ولأنه صاحب الحوض المورود ، والشفاعة العظمى ، (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) التوبة 128 . ولأن الله تعالى وملائكته يصلون على النبي (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) الأحزاب 56 . ولأن اتباع الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم هو الطريق والسبيل إلى محبة الله تعالى لقول ربي جل في علاه : " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ " آل عمران 31. يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية : " إن هذه الآية حاكمة على كل من ادعى محبة الله تعالى وليس هو على الطريقة المحمدية ، فإنه كاذب في نفس الأمر ، حتى يتبع الشرع المحمدي في جميع أقواله وأفعاله ، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " . ولهذا قال الله تعالى : " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله " . أي تنالون فوق ما طلبتم من محبتكم إياه ، وهو محبته إياكم ، وهو أعظم من الأول كما قال بعض الحكماء : " ليس الشأن أن تحِب .. إنما الشأن ُتحب " . ولا شك أن حب سنة النبي صلى الله عليه وسلم من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم . ورد في الأثر : " من أحب سنتي فقد أحبني ، ومن أحبني كان معي في الجنة " . حب وميول غريزية : تناول القرآن الكريم مسألة الميول الغريزية عند الإنسان فقد جاء في سورة آل عمران قوله تعالى زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ( آل عمران14).. ومما يميل إليه الإنسان ويحبه حب النساء: ويمكن أن يكون مشروعاً كحب الرجل لزوجته أو محرماً كحب الرجل للمرأة الأجنبية عنه. وحب البنين: وقد يكون مذموما إذا كان غريزة ُقصد بها المفاخرة ، أو محمودا إذا قصد تكوين أسرة مسلمة تنشأ في طاعة الله . وحب المال من الذهب والفضة: وقد أشار القرآن الكريم إلى حب امتلاك المال الكثير، وسواء كان سعي المؤمن لإنفاقه في سبيل الله أو كان مقصده العبث به فكلاهما مما يشتهيه الإنسان ويحبه. وحب الخيل المسومة: والقرآن ذكر الخيل لأنها مركوب تلك الأيام ولكن الأمر يتعداه إلى مراكب الناس في هذه الأيام . مقامات الحب : من عرف الله تعالى أحب الله ، وعلى قدر معرفته بالله ، يكون حبه لله . ولهذا فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس حبا لله ، لأنه كان أعرفهم بالله . يقول عليه الصلاة والسلام : " أنا أعلمكم بالله "رواه البخاري . وهل المحبة إلا ثمرة المعرفة ؟ يقول الحسن البصري : " من عرف ربه أحبه .. ومن عرف الدنيا زهد فيها .. وكيف ُيتصور أن يحب الإنسان نفسه ، ولا يحب ربه الذي به قوام نفسه " . والله تعالى يحب .. ومن أحبه الله كان مع الله .. في معيته وتحت حفظه وعنايته جل في علاه . قال الله : " إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ " النحل 128 ومعية الله تعالى لمن يحب هي معية خاصة يخص بها أحباءه وأولياءه .. معية نصر وتكريم .. وعناية ورعاية .. فضلا عن المعية العامة التي هي معية العلم المحيط الشامل .. ففي الحديث القدسي : " أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني " . والله تعالى يحب ومن أسمائه : " الودود " .. وقد ذكر لفظ : " الودود " في القرآن الكريم مرتين: في سورة هود حيث يقول تعالى : " وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ " هود 90، وفي سورة البروج حيث يقول سبحانه وتعالى : " وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ "البروج14 . والود : الحب ، ومعنى الودود : المحب للمؤمنين ( الذي يودَهم ويودونه ، ويحبهم ويحبونه ) . فانظر في نفسك .. هل يحبك الناس أم هم لك كارهون .. ؟ هل يحبك من حولك .. ويفرح بلقائك ؟ تأكد من حب الناس لك حبا خالصا لله تعالى لا حبا من أجل مال أو متاع ، ولا مراءة أو مداهنة .. يروى أن الله تعالى قال لداود عليه السلام : " يا داود أبلغ أهل أرضي أني حبيب لمن أحبني ، وجليس لمن جالسني .. ومؤنس لمن أنس بذكري .. ما أحبني عبد من قلبه إلا قبلته لنفسي وأحببته حباً لا يتقدمه أحد من خلقي " .. فكن حبيبا لله تعالى .. تكن حبيباً لمن في الأرض والسماء . - See more at: http://www.drchamsipasha.com/ar/articles/%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D9%84%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%80%D9%80%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86#sthash.cTY4KP05.dpuf

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire