lundi 21 novembre 2016

حكم الصلاة


fatawi
حكم الصلاة في مسجد فيه قبر نسخة للطباعةأرسل إلى صديق ينتشر بسبب الجهل بين المسلمين بناء المساجد على القبور في كثير من بلاد المسلمين، فيحتار السائح والمسافر إلى تلك البلاد في حكم صلاته إذا أدركته الصلاة قريباً من مسجد بني على قبر. ولتوضيح ذلك يقال: تحريم البناء على القبور: • أجمع أهل العلم على تحريم البناء على القبور وتشييدها وجعلها مزارات ومساجد يدل على ذلك : 1- قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك" (مسلم 532). 2- ما روته عائشة رضي الله عنها : أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة" (البخاري 427, مسلم 528). قال الشوكاني: "اعلم أنه قد اتفق الناس، سابقهم ولاحقهم، وأولهم وآخرهم من لدن الصحابة رضوان الله عنهم إلى هذا الوقت: أن رفع القبور والبناء عليها بدعة من البدع التي ثبت النهي عنها واشتد وعيد رسول الله لفاعلها، كما يأتي بيانه، ولم يخالف في ذلك أحد من المسلمين أجمعين" (شرح الصدور ص 8). • كما أجمع أهل العلم على تحريم قصد الصلاة عند أي قبر للتبرك به، أو اعتقاد فضل الصلاة عنده، وغير ذلك من الاعتقادات الباطلة. قال ابن تيمية: "بل لا يجوز اتخاذ القبور مساجد, سواء كان ذلك ببناء المسجد عليها أو بقصد الصلاة عندها, بل أئمة الدين متفقون على النهي عن ذلك, وأنه ليس لأحد أن يقصد الصلاة عند قبر أحد لا نبي ولا غير نبي, وكل من قال: إن قصد الصلاة عند قبر أحد أو عند مسجد بني على قبر أو مشهد أو غير ذلك: أمر مشروع بحيث يستحب ذلك ويكون أفضل من الصلاة في المسجد الذي لا قبر فيه: فقد مرق من الدين, وخالف إجماع المسلمين" (مجموع الفتاوى 27/488). أما إن لم يكن هناك قصد لتعظيم القبر فقد اختلف العلماء في مسائل: الصلاة في المقبرة: تشرع الصلاة على الجنازة في المقبرة على الصحيح من أقوال أهل العلم كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال الإمام أحمد:"ومن يشك في الصلاة على القبر؟ (يعني الجنازة) يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من ستة وجوه حسان" (انظر: حاشية ابن القيم على أبي داود9 /3). أما بقية الصلوات فاختلف فيها أهل العلم على أقوال: 1- فذهب الحنفية إلى كراهة الصلاة في المقبرة, لأن فيه تشبهًا باليهود الذين يتخذون قبور أنبيائهم مساجد (بدائع الصنائع 1/115, رد المحتار 1/645). 2- وذهب المالكية إلى جواز الصلاة في المقبرة في المشهور (مواهب الجليل 1/419). 3- وذهب الشافعية إلى تحريم الصلاة في المقبرة المنبوشة, وكراهتها في غير المنبوشة (المجموع 3/158). 4- وذهب الحنابلة والظاهرية إلى تحريم الصلاة في المقبرة مطلقًا, وأن الصلاة فيها باطلة (الإنصاف 1/489, المحلى 2/345). قال ابن المنذر: "الذي عليه الأكثر من أهل العلم كراهية الصلاة في المقبرة" (الأوسط 2/185). أحكام فقهية للدليل الفقهي الصلاة إلى القبور: تكره الصلاة إلى القبور بحيث تكون أمامه إلا إذا كان هناك حائل (بدائع الصنائع 1/116, الذخيرة 2/95-96, أسنى المطالب 1/174, كشاف القناع 1/298). دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها" (مسلم 972). قال السندي في معنى الحديث: "لا تصلوا إلى القبور بالاستقبال إليها لما فيه من التشبه بعبادتها" (حاشية السندي على سنن النسائي 2/67). الصلاة في مسجد فيه قبر: وللصلاة في مسجد فيه قبر داخل حدوده حالتان: 1- إذا كان ذلك بقصد التبرك بالقبر كما يفعله كثير من الجهلة. فقد اتفق أهل العلم على منع الصلاة عند القبر إذا كان ذلك بقصد التبرك، قال ابن تيمية رحمه الله: "وكل من قال: إن قصد الصلاة عند قبر أحد أو عند مسجد بني على قبر أو مشهد أو غير ذلك: أمر مشروع بحيث يستحب ذلك ويكون أفضل من الصلاة في المسجد الذي لا قبر فيه: فقد مرق من الدين, وخالف إجماع المسلمين" (مجموع الفتاوى 27/488). • وتبطل صلاته إن قصد التبرك بالصلاة عند القبر على الصحيح من أقوال أهل العلم كما هو مذهب الحنابلة, لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: "فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك" (مسلم 532). والأصل أن النهي في مثل هذه الحالة يقتضي فساد المنهي عنه. 2- إن حصل ذلك بدون قصد للقبر وإنما لقرب المسجد ونحو ذلك فقد اختلف فيه أهل العلم على قولين: • فذهب الشافعية إلى كراهة الصلاة فيه وينسب للجمهور. (تحفة المحتاج 2/167، وانظر: تحذير الساجد 163). • وذهب الحنابلة إلى تحريم الصلاة فيه وبطلانها (الفروع 3/381). والراجح هو رأي الشافعية القائلين بالكراهة دون التحريم إذا لم يقصد التبرك؛ لعدم الدليل على التحريم في تلك الحالة، و إن كان الأولى البحث عن مسجد بعيد عن الشبهة. أما وجه الكراهة: 1- فلأن الصلاة في هذه المساجد قد يكون فيها نوع تشبه باليهود والنصارى الذين كانوا ولا يزالون يقصدون التعبد في تلك المساجد المبنية على القبور. 2- أن الصلاة فيها ذريعة لتعظيم المقبور فيها تعظيمًا خارجًا عن حد الشرع, فينهى عنها احتياطًا وسدًا للذريعة, لا سيما ومفاسد المساجد المبنية على القبور ماثلة للعيان. (انظر: تحذير الساجد 163-166). تنبيه: ينبه بأن الجواز مع الكراهة لا يكون في المسجد والقبر الذي صار مزاراً يقصده الجهلة للتبرك وممارسة الشركيات الفعلية والقولية حوله، فمثل ذلك لا ينبغي الذهاب إليه حينئذ دفعاً للتهمة عن النفس. قال الله تعالى: }وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ{. قال القرطبي: "فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية. وإذا ثبت تجنب أصحاب المعاصي كما بينا فتجنب أهل البدع والأهواء أولى" (أحكام القرآن 5/418). • ولما قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إني نذرت أن أذبح إبلا ببوانة, قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟" قالوا: لا، قال: "هل كان فيها عيد من أعيادهم؟"، قالوا: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم" (أبو داود 3313, ابن ماجه 2131, أحمد 27066, قال ابن الملقن في البدر المنير: كل رجاله أئمة، مجمع على عدالتهم). فنبه إلى كون المكان الذي يفعل فيه المشركون ضلالاتهم لا ينبغي أن يكون محلاً لوفاء النذر الواجب عليه شرعاً. 1. تحرم الصلاة وتبطل في مسجد فيه قبر إذا قصد المصلي التبرك بالقبر أو اعتقد فضل الصلاة عنده. 2. تحرم الصلاة في مسجد فيه قبر صار مزاراً أو مشهدًا للشركيات والبدع إذا لم يمكن إنكار ذلك المنكر. 3. تكره الصلاة في مسجد فيه قبر إذا لم يقصد المسلم ذلك القبر وإنما حصل ذلك له اتفاقًا.
حكم صلاة الجمعة للمسافر نسخة للطباعةأرسل إلى صديق يحتار كثير من السياح في حكم صلاة الجمعة عليهم وهل يلزمهم أداؤها مع أهل البلد أو لا؟ ولتوضيح ذلك يقال: قال ابن عبد البر: "أجمع علماء الأمة أن الجمعة فريضة على كل حر بالغ ذكر يدركه زوال الشمس في مصر من الأمصار وهو من أهل المصر غير مسافر" (الاستذكار 2/56). أحوال المسافر مع صلاة الجمعة: الإنسان على ثلاثة أحوال من حيث السفر عند المذاهب الأربعة: 1- مسافر: وهو من ينتقل ويجد به السفر وليس مقيمًا ولا نازلاً ببلد معين، أوأقام ببلد إقامة لا تقطع عنه أحكام الترخص بالسفر؛ كقصر الصلاة ونحوها، وقد اختلف أهل العلم في تحديد قدر الإقامة التي لا تقطع أحكام الترخص على أقوال(انظر: متى ينقطع الترخص بالسفر؟) وما عليه جمهور أهل العلم أنه إن نوى إقامة أربعة أيام فأكثر صار مقيماً وألحق بالقسم الثاني. 2- مقيم: هو من أقام ببلد فترة تنقطع فيها أحكام السفر، ولكنه ينوي الرجوع إلى أهله ولا ينوي جعل هذا البلد وطناً له. 3- مستوطن: وهو من يسكن بلداً ونيته البقاء فيها كوطن دائم له، سواء كان من أهلها أصالة، أو من القادمين إليها. المسافر: أجمع أهل العلم على أن الجمعة لا تجب إقامتها على المسافرين. قال ابن هبيرة: "واتفقوا على أن الجمعة لا تجب على صبي ولا عبد ولا مسافر ولا امرأة، إلا رواية عن أحمد في العبد خاصة" (اختلاف العلماء 1/152). وقال ابن عبد البر: "وأما قوله: (ليس على مسافر جمعة) فإجماع لا خلاف فيه" (الاستذكار 2/36). وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سافر مراراً، ولم ينقل عنه ولو مرة واحدة أنه صلى الجمعة. قال ابن المنذر: "ومما يحتج به في إسقاط الجمعة عن المسافر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مرّ به في أسفاره جُمَعٌ لا محالة، فلم يبلغنا أنه جَمَّع وهو مسافر، بل قد ثبت عنه أنه صلى الظهر بعرفة وكان يوم الجمعة، فدلّ ذلك من فعله على أن لا جمعة على المسافر؛ لأنه المبين عن الله عز وجل معنى ما أراد بكتابه، فسقطت الجمعة عن المسافر استدلالاً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم" (الأوسط 4/20). واختلفوا في صحتها من المسافرين إذا صلوها بأنفسهم وليس معهم غيرهم من أهل البلاد، وجمهور أهل العلم على عدم انعقادها وصحتها. ولكن هل تجب عليهم الجمعة إذا سمعوا النداء تبعاً لغيرهم؟ 1- ذهب جماهير أهل العلم من أتباع المذاهب الأربعة أنها لا تجب عليهم ولو سمعوا النداء؛ لأنهم غير مخاطبين به, وحكى بعضهم الإجماع عليه (انظر: البحر الرائق 2/151, الشرح الصغير 1/494, المجموع 4/485, مطالب أولي النهى 1/758). 2- وذهب الظاهرية إلى وجوب الجمعة على من سمع النداء ولو كان مسافراً، ويروى عن الأوزاعي والزهري (المحلى 3/252). أدلتهم: 1- عموم قول الله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّه{, ولا يخرج منه المسافر إلا بدليل. يجاب عليه أن الدليل على إخراج المسافر هو الإجماع على أن لا جمعة عليه, والدليل الثابت من استقراء سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره من عدم إقامته للجمعة. 2- بعض الآثار المحتملة: • عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنهم كتبوا إلى عمر، يسألونه عن الجمعة، فكتب: "جمّعوا حيث كنتم" (ابن أبي شيبة 5068). وهذا يحمله الجمهور (غير الحنفية) على القرى, وهو فهم السلف له، فقد بوّب ابن أبي شيبة للأثر: من كان يرى الجمعة في القرى وغيرها، وقد روي أن الذين سألوه كانوا في البحرين. • سئل سعيد بن المسيب: على من تجب الجمعة؟ فقال: "على من سمع النداء" (ابن أبي شيبة 5075). وهذا يحمل على المسافة التي تجب فيها الجمعة, وبوب ابن أبي شيبة: من كم تؤتى الجمعة؟. والراجح أنه لا يجب على المسافرحضور الجمعة حتى ولو سمع النداء، ولكن الأفضل والأكمل في حقه حضورها كما هو مذهب جماهير أهل العلم. ومما يستدل به على ذلك: 1- أن هذا مسافر، والمسافر لا جمعة عليه بالإجماع. 2- ما روي عن الصحابة والتابعين أنهم كانوا يقيمون في سفرهم فلا يجمّعون, ومنه ما روي عن الحسن: "أن عبد الرحمن بن سمرة شتّى بكابل شتوة أو شتوتين، لا يجمِّع ويصلي ركعتين", وعنه: "أن أنس بن مالك، أقام بنيسابور سنة أو سنتين، فكان يصلي ركعتين ثم يسلم، ولا يجمع", وعن إبراهيم قال: "كان أصحابنا يغزون فيقيمون السنة، أو نحو ذلك، يقصرون الصلاة، ولا يجمعِّون" (ابن أبي شيبة 5099-5101). وهي آثار محتملة لسماعهم للنداء. 3- عدم وجود نص خاص على وجوبها على المسافر, فيبقى على الحكم الأصلي للمسافر وهو عدم الوجوب. 4- الاستدلال باستقراء سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله. قال ابن المنذر: "ومما يحتج به في إسقاط الجمعة عن المسافر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مر به في أسفاره جمع لا محالة، فلم يبلغنا أنه جمع وهو مسافر، بل قد ثبت عنه أنه صلى الظهر بعرفة وكان يوم الجمعة، فدل ذلك من فعله على أن لا جمعة على المسافر؛ لأنه المبين عن الله عز وجل معنى ما أراد بكتابه، فسقطت الجمعة عن المسافر استدلالاً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا كالإجماع من أهل العلم". ثم ناقش رحمه الله ما روي عن السلف مما يخالف ذلك فقال: "لأن الزهري مختلف عنه في هذا الباب، وحكى الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري أنه قال: لا جمعة على المسافر، وإن سمع المسافر أذان الجمعة وهو في بلد جمعة فليحضر معهم. قال أبو بكر: وقوله (فليحضر معهم) يحتمل أن يكون أراد استحبابًا، ولو أراد غير ذلك كان قولاً شاذًا خلاف قول أهل العلم، وخلاف ما دلت عليه السنة" (الأوسط 4/20). ولكن هل تجزئهم عن الظهر إذا صلوها مع أهل بلد يصلون الجمعة؟ تجزئهم وتصح منهم إذا صلوها مع أهل بلد أو قرية يصلون الجمعة إجماعاً. قال ابن قدامة: "(وإن حضروها أجزأتهم) يعني تجزئهم الجمعة عن الظهر، ولا نعلم في هذا خلافا" (المغني 2/253). وقال الخطيب الشربيني الشافعي: "صحت جمعته بالإجماع؛ لأنها إذا أجزأت عن الكاملين الذين لا عذر لهم، فأصحاب العذر بطريق الأولى، وإنما سقطت عنهم رفقًا بهم، فأشبه ما لو تكلف المريض القيام" (مغني المحتاج 1/537). المقيم غير المستوطن: وهو من أقام ببلد فترة تنقطع فيها أحكام السفر، ولكنه ينوي الرجوع إلى أهله،ولا ينوي جعل هذا البلد وطناً له,كمن يمكث سياحة في مدينة واحدة فترة طويلة من الزمن تزيد عن أربعة أيام (انظر: الإقامة التي تقطع رخص السفر). وقد اختلف أهل العلم في وجوبها في هذه الحالة على قولين،والمعتمد في المذاهب الأربعة وجوب الجمعة عليه،ولزوم إجابة نداء الجمعة على النحو التالي: • الحنفية: تجب عليه الجمعة, وتنعقد به (أي يكمل العدد الواجب لصلاة الجمعة). (البحر الرائق 2/151-164, الدر المختار 2/162). • الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة): تجب عليه بغيره لا بنفسه, أي: تجب تبعًا لا استقلالاً, فتجب عليه إن كمل العدد الذي تجب عليه الجمعة من المستوطنين, فلا يكون هو المكمل لهم؛ لأنه لا تنعقد به (شرح الخرشي 2/81, المجموع 4/503, كشاف القناع 2/23). قال ابن قدامة: "إذا أجمع المسافر إقامة تمنع القصر، ولم يرد استيطان البلد كطلب العلم، أو الرباط، أو التاجر الذي يقيم لبيع متاعه، أو مشتري شيء لا ينجز إلا في مدة طويلة، ففيه وجهان: أحدهما، تلزمه الجمعة؛ لعموم الآية، ودلالة الأخبار التي رويناها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوجبها إلا على الخمسة الذين استثناهم، وليس هذا منهم. والثاني: لا تجب عليه؛ لأنه ليس بمستوطن، والاستيطان من شرط الوجوب، ولأنه لم ينو الإقامة في هذا البلد على الدوام، فأشبه أهل القرية الذين يسكنونها صيفًا ويظعنون عنها شتاء، ولأنهم كانوا يقيمون السنة والسنتين لا يجمعون ولا يشرقون، أي لا يصلون جمعة ولا عيدًا. فإن قلنا: تجب الجمعة عليه فالظاهر أنها لا تنعقد به" (المغني 2/252). هل يؤم المسافر في صلاة الجمعة: كثيراً ما يطلب من أهل الفضل والعلم من المسافرين الزائرين لبلد ما أن يؤموا الناس في صلاة الجمعة, فما حكم ذلك؟ اختلف أهل العلم في ذلك, ويمكن تقسيمهم إلى أحوال: 1- المسافر الذي يقصر الصلاة: • وقد ذهب الحنفية والشافعية إلى صحة إمامته (رد المحتار 2/155, المجموع 4/250). • وذهب المالكية والحنابلة إلى عدم صحتها.(حاشية الدسوقي 1/377, المغني 2/253). 2- المقيم وهو المسافر الذي سيبقى أربعة أيام فأكثر: • وذهب جمهور أهل العلم إلى صحة إمامته (رد المحتار 2/155,حاشية الدسوقي 1/377، المجموع 4/250). • وقال الحنابلة لا تصح إمامته لعدم الاستيطان, ولئلا يصير التابع متبوعًا؛ لأنه إنما وجبت عليه تبعا لغيره. (كشاف القناع 2/23, المغني 2/253). والراجح صحة إمامته في الجمعة سواء كان مسافراً أو مقيماً - ولو كانت الجمعة غير واجبة عليه – فيصح إمامة المتنفل بالمفترض، كما ثبت ذلك في قصة معاذ رضي الله عنه. وينبه إلى اشتراط أن يتم العدد في الجمعة بغير الإمام المسافر أو المقيم؛ لأن الجمعة لا تنعقد به (وانظر: مغني المحتاج 1/548)، وأقل عدد لإقامة الجمعة على الراجح من أقوال أهل العلم ثلاثة (انظر:دليل المبتعث الفقهي ص 99). تذكر 1. لا تجب الجمعة على المسافر (وهو من ينتقل, أو يمكث في بلد أقل من أربعة أيام) ولو سمع النداء والأفضل حضورها مع المسلمين، وتجزئه إذا حضرها عن صلاة الظهر. 2. لا يجب على المقيمين ببلد (وهم من ينون المكث ببلد أربعة أيام فأكثر)أن يقيموا صلاة الجمعة بأنفسهم, ولكن يلزمهم إجابة النداء وحضور الصلاة مع أهل البلد. 3. يجب على المستوطنين ببلد إقامة الجمعة بأنفسهم إذا كانوا ثلاثة فأكثر. 4. اختلف أهل العلم في صحة إمامة المسافر والمقيم في صلاة الجمعة، والراجح أنها تصح. أحكام فقهية للدليل الفقهي
دخول الكافر للحرم المكي نسخة للطباعةأرسل إلى صديق يسأل كثير من الناس عن حكم دخول الكافر للحرم, وذلك بسبب احتياجهم لدخول بعض العاملين أو السائقين و الخدم من غير المسلمين المرافقين لهم. ولتوضيح ذلك يقال: اتفق أهل العلم على أنه لا يجوز لغير المسلم السكنى والإقامة في الحرم, لقوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا{ والمراد بالمسجد: حدود الحرم كاملًا. واختلفوا في الدخول والزيارة المؤقتة على أقوال: 1- فذهب الجمهور من الشافعية والحنابلة إلى أنه لا يمكن الكافر من دخول حدود الحرم ولو كان ذلك لمصلحة. (مغني المحتاج 6/67, المبدع 3/380). لقول الله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا{ والمراد بـ (المسجد الحرام) كامل حدود الحرم بدليل قوله }وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّه{ وخوف العيلة التي هي الفقر يكون بمنع الكفار من الدخول إلى مكة للتجارة. 2- وأجاز المالكية لغير المسلم دخول حدود الحرم المكي بإذن أو أمان، وإنما الممنوع دخول البيت الحرام (أي مسجد الكعبة المبني). (الخرشي 3/144, مواهب الجليل 3/381). 3- وأجــاز الحنفية لغير المسلم دخول المساجد كلها، حتى المسجد الحرام من غير إذن، ولو لغير حاجة. وفسروا قول الله تعالى }فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا{ ألا يحجوا، ولا يعتمروا عراة بعد حج عامهم هذا، أي عام تسع من الهجرة. (البحر الرائق 8/231). والراجح هو قول الجمهور بمنع دخول الكفار للحرم موافقة لقول الله تعالى: }فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا{. ولا يصح الاستدلال بدخول بعض الكفار لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة, فهو استدلال على مسألة دخول الكافر حرم المدينة ومسجدها (انظر: دخول الكافر حرم المدينة النبوية والمسجد النبوي) وهي مسألة أخرى غير مسألتنا. ثم إنه يجب التقيد في هذه المسألة وفي كل ما يتعلق بتنظيم الشأن العام بالقوانين والأنظمة المعمول بها، والنظام يمنع من دخول غير المسلمين حدود الحرم المكي. تذكر 1. اتفق أهل العلم على منع الكافر من السكنى والإقامة الدائمة في الحرم المكي. 2. ذهب جمهور أهل العلم إلى منع دخول الكافر حدود الحرم المكي ولو كان ذلك لمصلحة لقول الله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا{.
المسجد الأقصى نسخة للطباعةأرسل إلى صديق المسجد الأقصى هو مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد أقدس الأماكن وأشرفها لدى المسلمين، والتي يشرع للمسلم الحرص على زيارته والصلاة فيه ومجاورته، نسأل الله أن يفك أسره ويرزقنا فيه صلاة قبل الممات. حدود المسجد الأقصى: تشمل أحكام المسجد الأقصى كامل الساحة الشريفة التي تحويها أسواره وليس فقط بما يسمى اليوم المسجد القبلي أو مسجد الصخرة فجميع ما في داخل السور من المسجد الأقصى. يقول مجير الدين الحنبلي: "إن المتعارف عند الناس أن الأقصى من جهة القبلة, الجامع المبني في صدر المسجد الذي فيه المنبر والمحراب الكبير, وحقيقة الحال أن الأقصى اسم لجميع المسجد مما دار عليه السور.. فإن هذا البناء الموجود في صدر المسجد وغيره من قبة الصخرة والأروقة وغيرها محدثة, والمراد بالمسجد الأقصى جميع ما دار عليه السور" (الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل 2/24). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإن المسجد الأقصى اسم لجميع المسجد الذي بناه سليمان عليه السلام، وقد صار بعض الناس يسمي الأقصى المصلى الذي بناه عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مقدمه، والصلاة في هذا المصلى الذى بناه عمر للمسلمين أفضل من الصلاة في سائر المسجد" (الفتاوى 27/11). مساحة المسجد الأقصى: تبلغ مساحة المسجد الأقصى المبارك 144 ألف متر مربع (أي ما يعادل نحو سدس البلدة القديمة)، وتبلغ أطوال سوره: 491م من الغرب، و462م من الشرق، و310م من الشمال، و281م من الجنوب. من فضائل المسجد الأقصى: 1- أنها أرض الأنبياء، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه، وفيها صلى النبي صلى الله عليه وسلم إماماً بالأنبياء ليلة الإسراء والمعراج, }سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَه{. 2- أن الله قد حباها بالبركة والقداسة, وتلك البركة تنطلق من المسجد الأقصى إلى ما حولـــه من البقـــــاع, قــــال تعالى: }سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَه{, وقال: }وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا{, وقال علـــى لسان موسى: }يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ{. كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا لها بالبركة في قوله: "اللهم بارك لنا في شامنا" (البخاري 7094), وبيت المقدس هو سُرَّةُ بلاد الشام. وهذه البركة الثابتة لهذه الأرض تتوسع وتشع في دوائر حول المسجد الأقصى، وتتعدد هذه الدوائر وتكبر، فنواة البركة ومحورها المسجد الأقصى وبيت المقدس. 3- أن الصلاة في مسجدها تضاعف وتفضل على الصلاة في غيرها من المساجد إلا المسجد الحرام والمسجد النبوي. مقدار المضاعفة في المسجد الأقصى: وقد اختلف أهل العلم في قدر تلك المضاعفة بناء على اختلاف الأحاديث في ذلك والحكم عليها صحة وضعفاً، ونظرهم في الجمع بينها أو الترجيح على النحو التالي: 1- أنها تعدل ألف صلاة, دليل ذلك ما ورد عن ميمونة بنت سعد قالت: قلت: يا رسول الله، أفتنا في بيت المقدس، قال: "أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه بألف صلاة في غيره..." (ابن ماجه 1407, الطبراني في الكبير 20578), قال العراقي: "وأصح طرق أحاديث الصلاة ببيت المقدس أنها بألف صلاة" (طرح التثريب 6/52). 2- أنها تعدل خمسمائة صلاة في غيره, دليله ما ورد عن أبي الدرداء: قال صلى الله عليه وسلم: "فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مئة ألف صلاة, وفي مسجدي ألف صلاة, وفي مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاة" (البزار 4142 وقال: إسناده حسن, وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/7: رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات وفي بعضهم كلام وهو حديث حسن). وقال ابن تيمية: "فقد روي أنها بخمسين صلاة, وقيل بخمسمائة صلاة وهو أشبه" (الفتاوى 27/8). 3- أنها تعدل مائتين وخمسين صلاة, فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بيت المقدس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلى هو، وليوشكن أن يكون للرجل مِثْل شطن فرسه (الحبل) من الأرض حيث يَرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعًا" (الحاكم 8553 وصححه ووافقه الذهبي, الطبراني في الأوسط 6983, وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/7: رجاله رجال الصحيح). وهذا هو الراجح في الصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة، فتكون الصلاة في المسجد الأقصى تعدل مائتين وخمسين صلاة. وقال بعض أهل العلم بالجمع بين الأحاديث وأن الله تفضل على عباده بزيادة تفضل منه في مضاعفة الصلاة في المسجد الأقصى درجة فدرجة إلى أن ساواه في الفضيلة بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم بألف صلاة (انظر: شرح مشكل الآثار 2/75). وإنما يصار إلى الجمع عند صحة الأحاديث, أما إذا كان أحدها صحيحاً والآخر ضعيفاً فيجب تقديم الصحيح على غيره. 4- أنها أرض المحشر والمنشر، لما ورد أن ميمونة بنت سعد مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "يا رسول الله، أفتنا في بيت المقدس، قال: "أرض المحشر والمنشر". 5- أنها أحب إلى المسلم من الدنيا وما فيها, لقوله صلى الله عليه وسلم: ".. ولنعم المصلى، وليوشكن أن يكون للرجل مثل سية قوسه (طرفي قوسه) من الأرض حيث يرى بيت المقدس خيرًا له من الدنيا وما فيها" (الطبراني في الأوسط 8230, وقال الهيثمي في الزوائد 4/7: رجاله رجال الصحيح). 6- حرص الأنبياء والصالحين على زيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه والسكن في بيت المقدس ومجاورة الأقصى, فقد زار بيت المقدس عمر بن الخطاب وأبو عبيدة وسعيد بن زيد وأم المؤمنين صفية وأبو الدرداء وسلمان الفارسي وعمرو بن العاص رضي الله عن الجميع, بل إن موسى عليه الصلاة والسلام لما نزلت به الوفاة سأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر, قال أبو هريرة: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كنت ثَمَّ لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر" (البخاري 3407, مسلم 2372). 7- أن من أهلها طائفة على الحق ظاهرين إلى قيام الساعة، لما روى أبو أمامة الباهلي, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم.. قالوا: فأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس" (رواه أحمد 22320). 8- من لم يستطع زيارته فليرسل زيتاً يضاء به وليدعم صموده وبقاءه شامخاً ضد مخططات اليهود: فعن ميمونة بنت سعد، ويقال بنت سعيد مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قلت يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس، قال: "أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره" قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه؟ قال:"فتهدي له زيتًا يسرج فيه، فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه" (ابن ماجه 1407 قال البوصيري في مصباح الزجاجة 2/14: وإسناد طريق ابن ماجة صحيح رجاله ثقات، وهو أصح من طريق أبي داود). قبة الصخرة: بنى الوليد بن عبد الملك بأمر من أبيه قبة فوق الصخرة في وسط باحة الأقصى المبارك ودعا لها أمهر البنائين والمهندسين وقد استمر البناء أربع سنين وتم عام 72هـ, وتسمى هذه القبة مسجد الصخرة عند كثير من الناس. مواصفات الصخرة: يبلغ طول الصخرة نحو 18متراً, وعرضها نحو 13 متراً, وارتفاعها قرابة المتر بشكل غير منتظم حيث جانبها المرتفع من جهة الغرب والمنحدر من جهة الشرق، وتحت هذه الصخرة مغارة ينزل إليها من الناحية الجنوبية. مكانة الصخرة في الإسلام: الصخرة جزء من الأقصى المبارك, وهي قبلة اليهود فيعظمونها أشد التعظيم, مقابل النصارى الذين يقصدون إهانتها وتدنيسها. والإسلام وسط بين الطرفين فالصخرة جزء من الأقصى المبارك, وكانت هي قبلة المسلمين الأولى, ولم يعد لها بعد النسخ فضل غير أنها جزء من جنبات الأقصى الذي بارك الله فيه وقدسه، ولا دليل يثبت أنها كانت مكان معراجه إلى السماء كما هو مشتهر بين الناس، بل ولا يصح حديث خاص في تشريفها وفضلها, قال ابن القيم رحمه الله: "كل حديث في الصخرة فهو كذب مفترى" (المنار المنيف 87). قال ابن تيمية رحمه الله: "وذلك أنها كانت قبلة، ثم نسخت. وهي قبلة اليهود، فلم يبق في شريعتنا ما يوجب تخصيصها بحكم، كما ليس في شريعتنا ما يوجب تخصيص يوم السبت, وفي تخصيصها بالتعظيم مشابهة لليهود" (اقتضاء الصراط 2/348). ولهذا لما دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بيت المقدس لم يعظم الصخرة كاليهود، ولكنه أزال عنها الأوساخ التي وضعها النصارى. وقد قال لكعب الأحبار ــ وكان من علماء اليهود قبل إسلامه ــ: أين ترى أن أصلي؟ فقال: إن أخذت عني صليت خلف الصخرة، فكانت القدس كلها بين يديك. فقال عمر رضي الله عنه: ضاهيت اليهودية، لا، ولكن أصلي حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فتقدم إلى القبلة فصلى، ثم جاء فبسط رداءه فكنس الكناسة في ردائه، وكنس الناس. (أحمد 261). فائدة خرافة حول الصخرة أورد مجير الدين صاحب الأنس الجليل أنه اشتهر بين الناس أن الصخرة معلقة بين السماء والأرض وانقطعت من كل جهة عن الأرض، لا يمسكها إلا الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وذكر بعد إيراد هذا القول أنه كلام عجيب جداً. (2/17-18) فالصخرة ملتصقة بالأرض من جوانبها, والمشاهدة الواقعية تثبت هذا. تذكر 1. تشمل أحكام المسجد الأقصى كامل الساحة الشريفة التي تحويها أسواره. 2. فضَّل الله المسجد الأقصى بعدد من الفضائل ومن ذلك أن الصلاة فيه تعدل مائتين وخمسين صلاة فيما سواه. 3. الصخرة جزء من الأقصى المبارك وكانت قبلة المسلمين الأولى. 4. لم يعد للصخرة بعد نسخ القبلة أي مزية على غيرها من جنبات الأقصى المبارك. 5. الإسلام وسط بين اليهود الذين يعظمون الصخرة على غيرها والنصارى الذين يقصدون إهانتها. 6. لا يشرع تقبيل أو استلام الصخرة أو غيرها من جنبات الأقصى. فهد بن سالم باهمام
من دخل عليه رمضان في بلد والعيد في بلد آخر نسخة للطباعةأرسل إلى صديق يحتار بعض المسافرين في تحديد بداية الصيام أو تحديد يوم العيد في البلد الذي سافر إليه، وربما كان قد بدأ صيامه ببلد ثم أدركه العيد في بلد آخر، واختلف البلدان في دخول ذلك العيد من عدمه. ولتوضيح ذلك يقال: الصوم عبادة يجتمع فيها المسلمون في يوم محدد لعبادة ربهم بالصيام وهذا الاجتماع أحد مقاصد الشرع العظيمة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون" (أبو داود 2324 والترمذي 697) وقال الترمذي: "وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس". قال ابن تيمية: "والهلال اسم لما يستهل به, أي يعلن به ويجهر به, فإذا طلع في السماء ولم يعرفه الناس ويستهلوا لم يكن هلالاً. وكذا الشهر مأخوذ من الشهرة, فإن لم يشتهر بين الناس لم يكن الشهر قد دخل" (الفتاوى 25/203). وعلى هذا: 1- يبتدئ صيامه في البلد الذي أدركه رمضان فيه، ويفطر للعيد مع البلد التي أدركه العيد فيها. 2- وإن اختلف المسلمون في تلك البلاد فيعمل بعمل الأغلب الأعم والإعلان الرسمي للدولة أو للمراكز الإسلامية. وقد جاء في حديث كريب مولى ابن عباس رضي الله عنهما:"أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه، فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم"(مسلم 1087). ولكن ما الحكم إذا كان الفرق بين البلدين يؤدي إلى أن يكون صيامه ثمانية وعشرين يوماً أو واحداً وثلاثين يوماً؟ أحوال الخلاف بين البلدين: 1- أن يكون مجموع صيامه ثلاثين يوماً أو تسعة وعشرين يوماً: وهذا لا إشكال في براءة ذمته وأنه أدى ما عليه. 2- إذا كان مجموع صيامه ثمانية وعشرين يوماً في البلدين: فيفطر مع الناس يوم العيد ويجب عليه قضاء يوم بعد ذلك, ولا يصوم يوم العيد؛ لأن صيامه محرم، ولا يجزئ إجماعًا (انظر: المجموع 6/275, البحر الرائق 2/288،الإنصاف 3/277). دليل ذلك: قول الوليد بن عتبة: صمنا رمضان في عهد علي رضي الله عنه على غير رؤية ثمانية وعشرين يومًا، فلما كان يوم الفطر أمرنا أن نقضي يومًا (ابن أبي شيبة 9613, البيهقي 8204). وقد أجمع العلماء على أن الشهر إما أن يكون تسعة وعشرين يومًا, وإما أن يكون ثلاثين يومًا. قال ابن رشد: "العلماء أجمعوا على أن الشهر العربي يكون تسعًا وعشرين ويكون ثلاثين" (بداية المجتهد 2/46). وذلك لحديث ابن عمر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الشهر هكذا وهكذا وهكذا"-يعني: ثلاثين- ثم قال: "وهكذا وهكذا وهكذا" -يعني تسعًا وعشرين- يقول: مرة ثلاثين، ومرة تسعًا وعشرين (البخاري 5302, مسلم 1080). ولحديث أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين" (البخاري 1909, مسلم 1081 واللفظ له). لفظ البخاري: " فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين". وفي لفظ لمسلم: " فأكملوا العدد". وهذا يدل على أن الشهر لا ينقص عن تسعة وعشرين يومًا، ولا يزيد على ثلاثين يومًا. 3- إن كان مجموع صيامه أكثر من ثلاثين يومًا: اختلف أهل العلم في ذلك؛هل يصوم معهم اليوم الزائد أو لا؟ والصحيح وجوب الصيام وعدم الفطر، ولو زاد عن ثلاثين يومًا، حتى يعلن العيد في ذلك البلد. وقد نص الشافعية أنه يجب أن يصوم معهم ولو زاد على ثلاثين يومًا؛ لاعتبارهم اختلاف المطالع, ولحديث كريب. (المجموع 6/274, تحفة المحتاج 3/383). وهذا القول هو المخرج على قول الحنفية في من رأى هلال رمضان وحده فيلزمونه بالصيام قبل الناس، ولا يفطر حتى يفطر الناس (رد المحتار 2/384). تذكر 1.يجب على المسافر أن يوافق المسلمين في البلد الذي نزل فيه في بداية صيام رمضان وفي يوم العيد. 2. إذا اختلف المسلمون في البلد الذي نزل فيه فيعمل بعمل الأغلبية والإعلان الرسمي للبلد والمراكز الإسلامية. 2. إذا انتقل وسافر أثناء شهر رمضان واختلفت الدولتان في بداية شهر رمضان ونهايته فيتابع الدولة التي نزل فيها ولو زاد صيامه عن ثلاثين يوماً. 3. أما إن أدى ذلك إلى صيامه ثمانية وعشرين يوماً فقط فيجب عليه أن يفطر يوم العيد مع الناس ويقضي بعد ذلك يوماً آخر.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire