mardi 28 février 2017

ثناء ابن تيمية رحمه الله على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه


Barkers.org

ثناء ابن تيمية رحمه الله على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه

ثناء ابن تيمية رحمه الله على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأهل البيت رحمهم الله جمع وترتيب أبي خليفة علي بن محمد القُضيبي 1424هـ - 2003م تقديم الشيخ سليمان بن صالح الخراشي شبكة الدفاع عن السنة www.dd-sunnah.net ثناء ابن تيمية رحمه الله على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأهل البيت رحمهم الله جمع وترتيب أبي خليفة علي بن محمد القُضيبي 1424هـ - 2003م تقديم الشيخ سليمان بن صالح الخراشي مؤلف هذا الكتاب كان على المذهب الشيعي ثم هداه الله إلى الحق من أقوال ابن تيمية رحمه الله في الحسين رضي الله عنه ( والحسين رضي الله عنه قتل مظلوماً شهيداً ، وقتلته ظالمون معتدون ) مقتل الحسين وحكم قاتله – ص 77 . ( وأما من قتل الحسين ) أو أعان على قتله ، أو رضي بذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلا ً ) مجموع الفتاوى 4 / 487 – 488 . بسم الله الرحمن الرحيم تقديم الحمد لله والصلاة والسلام على من لانبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم ... أما بعد فقد اطلعت على رسالة ( ثناء ابن تيمية رحمه الله على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأهل البيت رضي الله عنهم أجمعين ) للأخ الكريم / علي بن محمد القضيبي ثبتنا الله وإياه على الحق ، فوجدتها وافية بالمقصود في توضيح موقف شيخ الإسلام من علي وآل البيت رضي الله عنهم ، وهو موقف الحب والاحترام والتقدير والتبجل والترضي ، وإنزالهم المنزلة التي أنزلهم الله إياها . دون جفاء وتقصير كما يفعل النواصب ، ولا غلو ومجاوزة للحد كما يفعل الشيعة ومن وافقهم من أهل البدع ، وقد آجاد الأخ علي في نقل كلام الشيخ من عقيدته الشهيرة ( الواسطية ) وكذلك من النقولات الواردة في رسالتي ( شيخ الإسلام لم يكن ناصبياً ) المطبوعة عام 1419هـ ، وأغلبها مأخوذه من ( منهاج السنة ) . أسأل الله أن يكتب الأجر للأخ علي في دفاعه عن أحد أعلام المسلمين ، وأن ينصر برسالته هذه شباب الشيعة ، لكي لا يكونوا مقلدين لمن يريد إضلالهم عن الحق والصراط المستقيم ، والله الهادي . كتبه : سليمان بن صالح الخراشي في 5 / 7 / 1424هـ الرياض بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم ... وبعد ..... لقد تعالت صيحات الباطل والدعاوى المنكرة للتشكيك في الحق وأهله، ظناً منهم أنهم يطفئون نور الله بأفواههم، ويأبى الله إلا أن يُتم نوره ولو كره المشركون. فإن هذا الدين قد حمله من كل سلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، فهم رحمة الله للناس، يبصرونهم ويرشدونهم، ويجددون أمر هذا الدين. وعلى رأس هؤلاء المصلحين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقد كان إماماً متفرداً وبحراً زاخراً، شهد له القريب والبعيد، وتناقلت الصحف والكتب علومه وفهومه ومعارفه. فقد كان شيخ الإسلام على طريقة الاعتدال يسير على طريق السلف الصالح في المعتقد، يدافع عنه، ويبين مزالق من حاد عنه مع تعظيمه للشريعة والسنة وآل البيت عليهم السلام. فقد كثرت أقواله في بيان محامدهم وبلوغهم في العلم والمعرفة ، وتنوعت مقالاته في الدفاع عنهم ورفع منزلتهم. فأحببت من خلال هذا الجمع أن أقدم بعضاً من أقواله في ذلك لعلها تبين الحقيقة التي يحاول أن يضلل عنها أهل البدع والضلال. وان كان الأمر يتطلب بياناً كاملاً لرد المفتريات، ولكن هذا جهد المقل وكشيعي سابق ومن أهل السنة والجماعة حاليا ولله الحمد كنت أظن في الجاهلية أن أهل السنة يكنون العداوة لآل البيت عليهم السلام، فتبين لي أن أهل السنة أشد ما يكونون إعظاما وإكبارا واستفادة من آل البيت رضي الله عنهم فنسأل الله لنا ولكم التوفيق. كتبها العبد الفقير إلى الله أبو خليفة علي بن محمد القضيبي ذم شيخ الإسلام ابن تيمية للنواصب مما يدفع هذه الفرية عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه كان شديد الذم للنواصب بطوائفهم، والخوارج الذين اتخذوا بغض علي _ رضي الله عنه _ ديناً يدينون الله به، وتجرأ بعضهم على تكفيره، أو تفسيقه، أو سبه وشتمه، والعياذ بالله . وكان - رحمه الله – يكثر من ذم هؤلاء في كتابه ( منهاج السنة النبوية ) فلو كان ناصبياً كما يزعم أعداؤه لأثنى عليهم، أو دافع عن مواقفهم، والتمس العذر لهم. وأما أهل السنة فيتولون جميع المؤمنين، ويتكلمون بعلم وعدل، ليسوا من أهل الجهل ولا من أهل الأهواء، ويتبرؤن من طريقة الروافض والنواصب جميعاً، ويتولون السابقين الأولين كلهم، ويعرفون قدر الصحابة وفضلهم ومناقبهم، ويرعون حقوق أهل البيت عليهم السلام التي شرعها الله لهم ...... ).(1) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1 ) منهاج السنة النبوية : ( 2 / 71 ) ، راجع كتاب ( شيخ الإسلام لم يكن ناصبياً ) لسليمان الخراشي ( ص 69 ) أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية في فضل علي – رضي الله عنه لشيخ الإسلام – رحمه الله – مواضع عديدة يمدح فيها علياً رضي الله عنه، ويثني عليه، وينزله في المنزلة الرابعة بعد أبي بكر وعمر وعثمان – رضي الله عنهم – كما هو منهج أهل السنة والجماعة، وهي واضحة صريحة تلوح لكل قارئ لكتب الشيخ، فلا أدري كيف زاغت عنها أبصار أهل البدعة والشائنين لشيخ الإسلام؟ وقد أحببت جمع بعضها في هذا المبحث ليقرأها كل منصف وطالب للحق من أولئك النفر، ولكي تقرّ بها أعين أهل السنة، فلا يحوك في صدر أحدهم وسواس أهل البدع تجاه شيخ الإسلام، عندما يطَّلعون على تلك الاتهامات الظالمة. وقد أكثرتُ من النقل من كتاب ( منهاج السنة ) لأنه عمدة الطاعنين والمتهمين للشيخ بأن فيه عبارات توخي بانحرافه عن علي – رضي الله عنه – أو توهم تنقصه له، فوددت أن أبين لهؤلاء أنهم قومٌ لم يفقهوا مقاصد الشيخ من عباراته لأنهم ينظرون بعين السُخط وعين العداوة في الدين ومثل هذه الأعين لا يُفلح صاحبها. وأبدأ هذه المواضيع بذكر مجمل عقيدته – رحمه الله – في الصحابة نقلاً عن ( العقيدة الواسطية ) وهي عقيدته الشهيرة التي كتبها بيده ونافح عنها في حياته أمام أهل البدع. قال رحمه الله: [ومن أصول أهل السنة والجماعة: سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله في قوله تعالى: (والذين جاءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنا انك رءوف رحيم) الحشر (10). وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ). ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم، ويفضلون من أنفق من قبل الفتح وقاتل – وهو صلح الحديبية – على من أنفق من بعده وقاتل، ويقدمون المهاجرين على الأنصار، ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر – وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر -: ( اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، بل قد رضي الله عنهم ورضوا عنه، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة -.ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم كالعشرة، وثابت بن قيس بن شماس وغيرهم من الصحابة. ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره، من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، ويثلثون بعثمان ويربعون بعلي رضي الله عنهم، كما دلت عليه الآثار، وكما أجمع على تقديم عثمان في البيعة، مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي – رضي الله عنهما – بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما - أيهما أفضل، فقدم قوم عثمان وسكتوا، و ربعوا بعلي، وقدم قوم علياً، وتوقفوا، لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي. وإن كانت هذه المسألة – مسألة عثمان وعلي – ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة، لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة، وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، ومن طعن في خلافة أحد هؤلاء فهو أضل من حمار أهله ].(1) وأما المواضع التي ذُكر فيها شيخ الإسلام فضل علي – رضي الله عنه - ودافع عنه: فمن ذلك قوله – رحمه الله -: [ فضل عليّ وولايته لله وعلو منزلته عند الله معلوم ، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1 ) العقيدة الواسطية ص (50 – 53) طبعة المكتب الإسلامي ط 4 عام 1405 هـ ولله الحمد، من طرق ثابتة أفادتنا العلم اليقيني، لا يحتاج معها إلى كذب ولا إلى ما لا يُعلم صدقه ].(1) ومن ذلك قوله رحمه الله : [ وأما كون عليّ وغيره مولى كل مؤمن ، فهو وصف ثابت لعليّ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد مماته، وبعد ممات عليّ، فعلي اليوم مولى كل مؤمن ، وليس اليوم متولياً على الناس، وكذلك سائر المؤمنين بعضهم أولياء بعض أحياءً وأمواتاً ].(2) ومن ذلك قوله رحمه الله : [ وأما علي رضي الله عنه فلا ريب أنه ممن يحب الله ويحبه الله ].(3) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1 ) مـنهـاج الـسنــة : ( 8 / 165 ) . ( 2 ) المصدر السابق : ( 7 / 325 ) . ( 3 ) المصدر السابق : ( 7 / 218 ) . ومن ذلك قوله رحمه الله ـ : [لا ريب أن موالاة علي واجبة على كل مؤمن، كما يجب على كل مؤمن موالاة أمثاله من المؤمنين ]. (1) ومن ذلك قوله ـ رحمه الله ـ : وكتب أهل السنة من جميع الطوائف مملوءة بذكر فضائله ومناقبه، وبذم الذين يظلمونه من جميع الفرق، وهم ينكرون على من سبَّه، وكارهون لذلك، وما جرى من التسابّ والتلاعن بين العسكرين، من جنس ما جرى من القتال، وأهل السنة من أشد الناس بغضاً وكراهة لأن يُتعرض له بقتال أو سب . بل هم كلهم متفقون على أنه أجلّ قدراً، وأحق بالإمامة، وأفضل عند الله وعند رسوله وعند المؤمنين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1 ) المصدر السابق : ( 7 / 27 ) . من معاوية وأبيه وأخيه الذي كان خيراً منه، وعليّ أفضل من الذين اسلموا عام الفتح وفي هؤلاء خلق كثير افضل من معاوية أهل الشجرة افضل من هؤلاء كلهم ، وعليّ أفضل جمهور الذين بايعوا تحت الشجرة، بل هو أفضل منهم كلهم إلا ثلاثة، فليس في أهل السنة من يقدم عليه أحداً غير الثلاثة، بل يفضلونه على جمهور أهل بدر وأهل بيعة الرضوان، وعلى السابقين الأوَّلين من المهاجرين والأنصار ].(1) ويقول – رحمه الله – مبيناً شجاعة علي – رضي الله عنه - : [لا ريب أن علياً رضي الله عنه كان من شجعان الصحابة، وممن نصر الله الإسلام بجهاده، ومن كبار السابقين الأوَّلين من المهاجرين والأنصار، ومن ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1 ) منهاج السنة : ( 4 / 396 ) . سادات من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله، وممن قاتل بسيفه عدداً من الكفار ].(1) ومن ذلك قوله: [ وأما زهد عليّ رضي الله عنه في المال فلا ريب فيه، لكن الشأن أنه كان أزهد من أبي بكر وعمر ].(2) ومن ذلك قوله: [ نحن نعلم أن علياً كان أتقى لله من أن يتعمد الكذب، كما أن أبا بكر وعمر وعثمان وغيرهم كانوا أتقى لله من أن يتعمدوا للكذب ].(3) ومن ذلك أنه – رحمه الله – يرى أن الذين لم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1 ) مـنهـاج الـسنــة : ( 8 / 76 ) . ( 2 ) المصدر السابق : ( 7 / 489 ) . ( 3 ) المصدر السابق : ( 7 / 88 ) . يقاتلوا علياً – رضي الله عنه - هم أحب إلى أهل السنة ممن قاتله، وأن أهل السنة يدافعون عنه بقوة أمام اتهامات النواصب والخوارج، يقول: [ وأيضاً فأهل السنة يحبون الذين لم يقاتلوا علياً أعظم مما يحبون من قاتله، ويفضلون من لم يقاتله على من قاتله كسعد بن أبي وقاص، وأسامة بن زيد، ومحمد بن مسلمة، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم. فهؤلاء أفضل من الذين قاتلوا علياً عند أهل السنة. والحب لعليّ وترك قتاله خير بإجماع أهل السنة من بغضه وقتاله، وهم متفقون على وجوب موالاته ومحبته، وهم من أشد الناس ذبّاً عنه، ورداً على من طعن عليه من الخوارج وغيرهم من النواصب، ولكن لكل مقام مقال ].(1) ومن ذلك أنه يُفَضِّل الصحابة الذين كانوا مع علي على الصحابة الذين كانوا مع معاوية – رضي الله عنهم أجمعين – يقول: [ معلوم أن الذين كانوا مع علي من الصحابة مثل: عمار وسهل بن حنيف ونحوهما كانوا أفضل من الذين كانوا مع معاوية ].(2) هذه مواضيع يسيرة مما نُقل عن شيخ الإسلام – رحمه الله – في فضل علي – رضي الله عنه – ودفاعه الحار عنه أمام أعداءه ، وتبرئته مما نسبوه إليه. فهل يُقال بعد هذا كما قال هؤلاء المبتدعة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1 ) منهاج السنة : ( 4 / 395 ) . (2 ) مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية : ( ص 61 ) . الجائرون بأنه – رحمه الله – كان منحرفاً عن علي – رضي الله عنه -! أو أنه تنقصه في كتبه؟!. سبحانك هذا بهتان عظيم! لا يقوله أدنى مسلم فضلاً عن شيخ الإسلام الذي تصرمت حبال أيامه في تقرير عقيدة السلف الصالح، من ضمنها تفضيل علي رضي الله عنه وجعله الخليفة الرابع الراشد، واعتقاد أنه على الحق أمام من حاربه وخالفه. ولكن ذنب شيخ الإسلام عند هؤلاء المبتدعة أنه لم يَغلُ في عليٍّ كما غلوا، أو يتجاوز به قدره الذي أراده الله له. (3) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1 ) راجع كتاب ( ابن تيمية لم يكن ناصبياً ) لسليمان بن صالح الخراشي : ( 74 – 87 ) أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية في قتلة الحسين عليه السلام قال – رحمه الله -: [ وأما جواز الدعاء للرجل وعليه فبسط هذه المسألة في الجنائز، فإن موتى المسلمين يُصلى عليهم بَرهم وفاجرهم، وإن لُعِنَ الفاجر مع ذلك بعينه أو بنوعه، لكن الحال الأولى أوسط واعدل، وبذلك أحببت مُقدم المغل بولاي؛ لما قدموا دمشق في الفتة الكبيرة، وجرت بيني وبينه وبين غيره مخاطبات؛ فسألني فيما سألني: ما تقولون في يزيد؟ فقلت: لا نسبه ولا نحبه، فإنه لم يكن رجلاً صالحاً فنحبه، ونحن لا نسب أحداً من المسلمين بعينه. فقال: أفلا تلعنونه؟ أما كان ظالماً؟ أما قتل الحسين؟ فقلت له: نحن إذا ذكر الظالمون كالحجاج بن يوسف وأمثاله: نقول كما قال الله في القرآن: ( ألا لعنة الله على الظالمين ) هود ( 18) . ولا نحب أن نلعن أحداً بعينه؛ وقد لعنه قوم من العلماء؛ وهذا مذهب يسوغ فيه الاجتهاد، لكن ذلك القول أحب إلينا وأحسن. وأما من قَتَلَ ( الحسين ) أو أعان على قتله، أو رضي بذلك: فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين؛ لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً. قال: فما تحبون أهل البيت؟ قلت: محبتهم عندنا فرضٌ واجب، يؤجر عليه، فإنه قد ثبت عندنا في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير يُدعى خمّاً، بين مكة والمدينة فقال: ( أيها الناس! إني تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله ) فذكر كتاب الله وحض عليه، ثم قال: ( وعترتي أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ) . قلت لمقدم: ونحن نقول في صلاتنا كل يوم: ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ). قال مقدم: فمن يُبغض أهل البيت؟ قلت: من أبغضهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً. ثم قلت: للوزير المغولي: لأي شيء قال عن يزيد، وهذا تترىٌ؟ قال: قد قالوا له إن أهل دمشق نواصب. قلت بصوتٍ عالٍ: يكذب الذي قال هذا، ومن قال هذا: فعليه لعنة الله، والله ما في أهل دمشق نواصب، وما علمت فيهم ناصبياً، ولو تنقص أحداً علياً بدمشق لقام المسلمون عليه؛ لكن كان قديماً – لما كان بنو أمية ولاة البلاد – بعضُ بني أمية ينصب العداوة لعلي ويسبه، وأما اليوم فما بقي من أولئك أحداً ].(1) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1 ) مجموع الفتاوى : ( 4 / 487 – 488 ) وانظر كتاب ( ابن تيمية لم يكن ناصبياً ) لسليمان بن صالح الخراشي : ( ص 72 – 73 ) مكانة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل السنة والجماعة قال شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية : ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم: ( أذكركم الله في أهل بيتي ).(1) وقال أيضاً للعباس عمه وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم فقال: ( والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي ).(2) وقال: ( إن الله اصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة واصطفى من كنانة قريشاً واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ).(3) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1 ) رواه مسلم . ( 2 ) رواه الإمام أحمد وغيره . ( 3 ) رواه أحمد ومسلم قال الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - في شرح كلام شيخ الإسلام - رحمه الله - الشرح : بين الشيخ - رحمه الله - في هذا مكانة اهل البيت عند اهل السنة والجماعة وانهم يحبون اهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل البيت هم آل النبي صلى الله عليه وسلم الذين حرمت عليهم الصدقة وهم آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس وبنوا الحارث بن عبدالمطلب وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته من اهل بيته كما قال تعالى ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ) الأحزاب : 33 ) فأهل السنة يحبونهم ويحترمونهم ويكرمونهم لان ذلك من احترام النبي صلى الله عليه وسلم وإكرامه ولان الله ورسوله قد أمرا بذلك قال تعالى ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) الشورى : 23 ) وجاءت نصوص السنة بذلك - منها ما ذكره الشيخ - وذلك إذا كانوا متبعين للسنة مستقيمين على الملة كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه وعلي وبنيه - أما من خالف السنة ولم يستقم على الدين فإنه لا تجوز محبته ولو كان من اهل البيت . وقوله : ( ويتولونهم ) اي يحبونهم من الولاية بفتح الواو وهي المحبة وقوله : ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم اي يعملون بها ويطبقونها ( حيث قال يوم غدير خم ) الغدير هنا مجمع السيل ( وخم ) قيل اسم رجل نسب الغدير اليه وقيل هو الغيظة أي الشجرة الملتف نسب الغدير اليها لانه واقع - وهذا الغدير كان في طريق المدينة مر به النبي صلى الله عليه وسلم في عودته من حجة الوداع وخطب فيه فكان من خطبته ما ذكره الشيخ ( اذكركم الله في اهل بيتي ) اي أذكركم ما أمر الله به في حق اهل بيتي من احترامهم واكرامهم والقيام بحقهم . وقال ايضا : ( للعباس عمه ) هو العباس بن عبدالمطلب ابن هاشم بن عبد مناف ( وقد اشتكى اليه ) اي اخبره بما يكره ( ان بعض قريش يجفوه ) الجفاء ترك البر والصلة ( فقال ) اي النبي صلى الله عليه وسلم (( والذي نفسي بيده )) هذا قسم منه صلى الله عليه وسلم (( لا يؤمنون )) اي الإيمان الكامل الواجب (( حتى يحبوكم لله ولقرابتي )) اي لامرين : الأول : التقرب الى الله بذلك لانهم من أوليائه . الثاني : لكونهم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم وفي ذلك إرضاء له وإكرام له ( وقال ) النبي صلى الله عليه وسلم مبينا فضل بني هاشم الذين هم قرابته ( ان الله اصطفى ) اي اختار والصفوة الخيار ( بني إسماعيل ) بن إبراهيم الخليل عليهما السلام ( واصطفى من بني إسماعيل كنانة ) اسم قبيلة أبوهم كنانة بن خزيمة ( واصطفى من كنانة قريشا ) وهو أولاد مضر بن كنانة ( واصطفى من قريش بني هاشم ) وهو بنو هاشم بن عبد مناف ( واصطفاني من بني هاشم ) فهو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . والشاهد من الحديث : ان فيه دليلا على فضل العرب وان قريشا افضل العرب وان بني هاشم افضل قريش وان الرسول صلى الله عليه وسلم افضل بني هاشم فهو افضل الخلق نفسا أفضلهم نسبا وفيه فضل بني هاشم الذين هم قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم . والمزيد انظر كتاب العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام أحمد ابن تيمية، شرح الشيخ: صالح بن فوزان الفوزان. ( ص 195 – 197 ) . الخاتمــة وبعد هذا العرض اليسير من كلام شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله هنا تتجلى الحقيقة وترد التهمة وأنها كذب وزور وأنهم يريدون التشكيك في علماء الأمة وإسقاط أقوالهم واجتهاداتهم ليتوصلوا إلى هدم الشريعة الغراء واستبدالها بأقوال أهل الضلال و البدع، ومن ادعى غير ذلك فقد كذب، والبينة على من ادعى. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين. جمعها الفقير الى الله أبو خليفة علي بن محمد القضيبي شيعي سابقاً المحتويات تقديم ------------------------------------------------------------- 3 مقدمـــــة -------------------------------------------------------- 5 ذم شيخ الإسـلام ابن تيمية للنواصب -------------------------------- 8 أقوال شيخ الإسـلام ابن تيمية في فضل علي – رضي الله عنه -------10 أقوال شيخ الإسـلام ابن تيمية في قتلة الحسين - رضي الله عنه ---- 22 مكانة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل السنة والجماعة - 26 خاتمـــــة ------------------------------------------------------- 31 .

Barkers.org الحالة :نورالدين المالكي غير متواجد حالياً افتراضي كمال الحيدري دون حياء يكذب على شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله كمال الحيدري يفترى الكذب على شيخ الإسلام بن تيمية الـتـاريــخ : 04.10.2009 الـــوقـــت : 9:30 بتوقيت مكة الموضوع : الأطروحة المهدوية الـحـلـــقـة : الثانية الـــقـــنــاة : الكوثر الـضــيــف : آية الله السيد كمال الحيدري الدقيقة 47 من الحلقة قال كمال الحيدري : بن تيمية يفضل يزيد و معاوية على الحسن و الحسين. http://www.youtube.com/watch?v=v5pK57S7rv0 أقول : الكلام من دون دليل لا يعجز عنه أجهل الناس، وما قاله كمال الحيدري كذب صريح على شيخ الإسلام بن تيمية ووجب على كمال الحيدري أن يأتي بدليل من كلام شيخ الإسلام على هذا الافتراء، فأين صرح بهذا شيخ الإسلام بن تيمية في أي كتاب من كتبه أو أنها من افتراءات كمال الحيدري التي لا تعد و لا تحصى ؟ أهذه هي الأخلاق الإسلامية يا كمال الحيدري.. تكذب ؟؟؟ أهذه هي الأخلاق الإسلامية عندك ،، لا حول ولا قوة إلا بالله، منذ متى كان الكذب من أخلاق المسلمين ؟ منذ متى كان المسلم يكذب لينتصر لقائده ؟ نعلم أن شيخ الإسلام بن تيمية مسح بشيخكم بن المطهر الحلي البلاط في كتابه منهاج السنة النبوية لكن هذا ليس مبررا للكذب، يقول الله عز وجل : فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة : 10] ملاحظة مهمة :يرجى عدم الإساءة من طرف المشاركين في الموضوع، فالهدف في الأول والأخير هو معرفة الحق، لا الإساءة والإساءة المتبادلة رد: كمال الحيدري دون حياء يكذب على شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم ما عهدناه و شاهدناه من كلام الحيدري انه لا يتكلم الا بدليل و انتم شاهدتموه يأتي بنفس الكتاب و يريه لكم الأمر الآخر لو سلمنا جدلا ان ما تقول صحيح اثبت انت عكس قول كمال الحيدري ليبين للأخوه افترائه مثلا علي ابن تيميه التوقيع صحيح مسلم - فضائل الصحابة - فضل فارس - رقم الحديث : ( 4618 )

إذهب إالى الصفحة "المصدر".

من الأخلاق المذمومة


Collapse Box (Click Here)
" اللهم اني اسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً وعملاً "
التربية الإسلامية - الأخلاق المذمومة - الدرس (07-10) : التعاون على الإثم والعدوان لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2007-01-28 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات . أيها الإخوة الكرام ، في سلسلة دروس الأخلاق المذمومة التي بدأنها قبل حين انطلاقاً من قول سيدنا حذيفة رضي الله عنه حينما قال : (( كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ أقع فيه )) [ متفق عليه ] من الأخلاق المذمومة : التعاون على الإثم والعدوان : ولكن من خلال هذه السلسلة ليس من خلق مذموم أخطر على المؤمن من هذا الخلق ، موضوع هذا الدرس إنه التعاون على الإثم والعدوان ، قال تعالى : ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [ سورة المائدة : 2] 1 – ما معنى الإثم ؟ فالإثم بالتعبير الاصطلاحي ما يجب التحرز منه شرعاً وطبعاً ، أما كلمة شرعاً وطبعاً فتعني أن هناك مطابقة تامة بين مفردات المنهج وخصائص النفس ، فكل شيء تتوق نفسك إليه أمرك الله به ، وكل شيء يزري بك نهاك الله عنه ، فما ينبغي أن تبتعد عنه شرعاً وطبعاً . وقال بعضهم : الإثم والآثام هي الأفعال المبطئة للثواب التي تحمل صاحبها وصمة تجعله صغيراً عند الله وعند الناس . والإثم هو الذنب الذي تستحق النفس العقوبة عليه ، ولا يصح أن يوصف به إلا المحرم ، وهذا التعريف أقسى التعريفات ، والإثم في هذا التعريف محرم . 2 – الفرق بين الإثم والذنب والوزر : أما الفرق بين الإثم والذنب والوزر ، فإن الذنب هو مطلق الجرم عمداً كان أو سهواً ، فلمجرد أن تخرج عن منهج الله فهذا ذنب ، ويستحق صاحبه العقاب ، إلا أن الإثم ما كان عمداً ، قد يكون الذنب عفواً عن غير قصد ، إلا أن الإثم هو ذنب ارتكب عمداً . أما الفرق بين الإثم والوزر فهما واحد ، وإن اختلفا في الوضع ، أي في أصل الاشتقاق ، فإن وضع الوزر للقوة ، لأنه من الإزار ، وهو ما يقوي الإنسان نفسه به ، ووضع الإثم للذة إنما خص به فعل الشر ، وفي الأعم الأغلب فعل بعض المعاصي مستلذ عند الإنسان ، الوزر فيه قوة ، والإثم فيه لذة ، وكلاهما ذنب . 3 – ما هو العدوان ؟ أيها الإخوة الكرام ، أما العدوان ، فهو الاعتداء في قول أو فعل أو حال ، عدوان قولي ، وعدوان فعلي ، وعدوان نفسي . وقال بعضهم : العدوان تجاوز المقدار المأمور بالانتهاء إليه والوقوف عنده . ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [ سورة الشورى :40] أحياناً يكيل الإنسان الصاع صاعين ، هذا عدوان ، الأصل لك أن تأخذ حقك ، أما أن تأخذ الحق وزيادة فهذا عدوان . معنى الآية : معنى قول الله عز وجل : ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [ سورة المائدة : 2] قاعدة : إذا اجتمعا افترقا ، وإذا افترقا اجتمعا : أن كلاً منهما الإثم والعدوان إذا أفرد فهذا موضوع لطيف له ما يشبهه في كتاب الله ، مثلاً : الفقراء والمساكين ، إذا قلت : الفقراء فيعني الفقراء والمساكين ، وإذا قلت : المساكين فيعني الفقراء والمساكين ، أما إذا قلت : الفقراء والمساكين الآن الفقير الذي لا يجد حاجته ، دخله أقلّ من حاجته ، لكنه ساكن في بيت ، ويرتدي ثياباً ، أما المسكين فهو العاجز عن أن يكسب المال ، معه عاهة ، فإذا اجتمعا تفرقا ، وإذا تفرقا اجتمعا ، والإثم والعدوان إذا اجتمعا تفرقا ، الإثم يغلب عليه المعصية التي فيها لذة ، والعدوان يغلب عليه الفعل الذي فيه تجاوز ، أما إذا قلت : الإثم فيشمل العدوان ، وإذا قلت : العدوان فيشمل الإثم . قال القرطبي : " العدوان تجاوز الحد ، والظلم وضع الشيء في غير موضعه " , على كل الشاهد القرآني الوحيد : ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [ سورة المائدة : 2] لكن التفاصيل تأتي في السنة . لا يجوز التعاون على الإثم والعدوان والظلم : أيها الإخوة الكرام ، يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه النسائي : (( اسمعوا ، هل سمعتم أنه سيكون بعدي أمراء ، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم ، وأعانهم على ظلمهم فليس مني ، و لست منهم ، و ليس بوارد عليّ الحوض ، و من لم يدخل عليهم ، ولم يعنهم على ظلمهم ، و لم يصدقهم بكذبهم فهو مني و أنا منه ، و هو وارد عليّ الحوض )) من أعان ظالماً و لو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب على جبينه : آيس من رحمة الله . 1 – لا يجوز الإقرار على الذنب والمعصية : لك صديق له منصب معين ، فدخلت عليه زائراً ، قال لك : فعلت كذا و كذا ، و العمل فيه ظلم ، فإذا جاريته ، و أمنت على كلامه بل ، و أثنيت عليه ، و قلت : هذا عين الحكمة هل تصدق أن الإثم الذي احتمله من هذا العدوان لك منه نصيب ، و لك منه وزر ، لذلك قالوا : من غاب عن معصية فأقر بها كان كمن شهدها ، ومن شهد معصية فأنكرها كان كمن غاب عنها . لو أخذنا مثلاً فيه مبالغة : أنت بدمشق ، و إنسان ارتكب معصية كبيرة في كندا ، فأنت قلت في نفسك : و الله هذا ذكي ، لكنه ارتكب معصية ، أو عدوانا ، أو اختلس مالا، تزوير ، كذب ، قلت : و الله هو ذكي ، هل تصدق أن الإثم الذي سيتحمله تتحمله وأنت في الشام . من أقر معصية غابت عنه كان كمن شهدها ، ومن شهد معصية فأنكرها كان كمن غاب عنها . 2 – لا تكن صاحبَ صاحبِ معصية : هذا يذكرنا بأن الذنب شؤم على غير صاحبه ، على صاحبه من باب أولى قطعاً ، لكن الأثر الآن على صاحب صاحبِ الذنب ، الذنب شؤم على غير صاحبه ، أي على صاحب صاحبه . وبالمناسبة ، هناك من يقول : لأن تكون صاحبَ صاحبِ مزرعة أفضل من أن تكون صاحب مزرعة ، ولأن تكون صاحبَ صاحبِ سيارة أفضل من أن تكون صاحب سيارة ، هنا إذا كنت صاحبَ صاحبِ مذنب فهناك مضاعفات . 3 – لا تعيِّر المذنب بذنبه : أولاً : إن ذكرت هذا الذنب لكل من هبّ و دب فقد اغتبته ، وإن رضيته شاركته في الإثم ، وإن عيرته ابتليت به ، كم حالة ؟ إن ذكرته اغتبته ، إن أقررته عليه شاركته بالإثم ، إن عيرته به ابتليت به . لك صديق ارتكب معصية معينة ، إذا قلت : دبّر أمْره فأنت شريكه في الإثم بكلمة ، و: (( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً )) [ الترمذي] 4 – لا تتكبر على المذنب : وإذا قلت : أين عقله ؟ شامتاً به ، معيراً له فربما أدبك الله بأن تبتلى بهذا الذنب نفسه ، و هذا شيء يقع كثيراً . أنت تترفع بكبر فتقول : أين عقلك ؟ أما سيدنا يوسف فكان أديبا جداً : ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [ سورة يوسف ] أي يا رب أنت حفظتني ، عفتي بفضلك ، أحياناً يكون الإنسان مستقيماً فعلاً ، لكن ينسى أن الله حفظه ، فيعتد باستقامته ، أنا عندي إرادة قوية ، أنا مربى من الصغر على طاعة الله ، هذا كبر ، سيدنا يوسف أكمل منك : ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [ سورة يوسف ] إنّ أبعد إنسان في تصورك عن أن يعبد غير الله الأنبياء ، ماذا دعا سيدنا إبراهيم ؟ ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [ سورة إبراهيم ] هذه العبودية ، أن ترى أن الله هو الحافظ ، على كل إن ذكرته لمن هب ودب فقد اغتبته ، وإن عيرته ، وشمت به ابتليت به ، وإن أقررته فقد شاركته في الإثم . لك صديقك ارتكب ذنبا ينبغي أن تقول : غفر الله له ، يا رب احفظني من هذا الذنب ، بينك وبين الله ، أعني على طاعتك ، يا الله لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني ، فأنت حينما تدعو الله أن يعصمك ، وأن تدعو لأخيك بالتوبة فهذا الموقف الكامل . قد يكون لك صديق بسلك معه قوة كبيرة جداً ، أحياناً بالجمارك يقول لك : أوقفته ودفعته مئتي ألف ، دفعهم وهو صاغر ، ماذا تقول له أنت : الله يعطيك العافية ، الله يعينك ، هناك إله سيحاسبك ، هذا عدوان طبعاً ، عود نفسك ألاّ تجامل أحداً بهذه الموضوعات ، لا تجامل الناس بأخطائهم ، إن جاملتهم بأخطائهم فأنت مخطئ . والله لو أردت أن أدقق أكثر ، والله لو هززت برأسك لكنت مشاركاً له ، ما تكلمت ولا كلمة ، أليس معي حق ؟ تعمل له هكذا ، لا ليس معك حق . مرة إنسان له منصب رفيع قال لي : والله أنا كنت في الحج يا أستاذ ، قلت له : مبارك ، قال لي : عندي ثلاثمئة موظفة ، قال : الكبار أخواتي ، وصافحتهم ، والصغار مثل بناتي ، ما قولك ؟ قلت له : غير صحيح ، هو فكره أن يأخذ مني فتوى ، الكبار أخواته والصغار بناته ، كلهم صافحهم بعد الحج . خيرية الأمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : أنت لا تسكت ، لأن هذه الأمة خيريتها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإذا تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقدت خيريتها ، قال تعالى : ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [ سورة آل عمران : 110 ] فإن لم نأمر بالمعروف ولم ننه عن المنكر ، بل إن أمرنا بالمنكر ونهينا عن المعروف ، بل إن أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً فقدنا خيريتنا ، وأصبحنا أمة كأي أمة خلقها الله ، مالنا شأن عند الله إطلاقاً ، وهذا هو الواقع ، كن جريئاً ، هناك إنسان يقفز على المشكلات ، هناك إنسان يواجه المشكلة ، أمتنا متخلفة دينياً ، لا تقل : نحن أمة محمد ، هو سيد الخلق ، وحبيب الحق ، لكن نحن لسنا على سنته ، ولسنا على منهجه ، والدليل أننا نعذب كل يوم ، والله عز وجل يقول : ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾ [ سورة الأنفال : 33 ] يجب التمسكُ بالمضامين لا بالشكليات : مستحيل وألف ألف مستحيل أن نعذب ومنهج النبي صلى الله عليه وسلم فينا ، في بيوتنا ، فلذلك البطولة لا أن تكون مع الإطار الإسلامي ، بل أن تكون مع المضمون الإسلامي ، البطولة أن يكون بيتك إسلامياً ، لا أن يكون كلامك إسلامياً ، أن يكون عملك إسلامياً ، الأطر سهلة جداً ، وأبعد الناس عن الدين بإمكانه أن يتمسك بالأطر الإسلامية ، يصلي ، يحج يأتي بعمرة ، لكن كسب ماله غير إسلامي ، إنفاق ماله غير إسلامي ، احتفالاته غير إسلامية ، سفره غير إسلامي ، خروج بناته غير إسلامي ، لا تكن متعلقاً بالأطر ، كن متعلقاً بالمضمون ، نحن تعلقنا بالأطر ، لو ذهبت إلى كل بلاد العالم الإسلامي فيها مساجد وصلوات ومؤتمرات ، ومكتبات ، وبرامج دينية ، لكن المسلمين غير مطبقين ، لذلك الله عز وجل لم يعبأ بكل هذه المظاهر فعطل وعوده نحوهم . أنا أذكر قبل الحرب الأخيرة في العراق ما مِن مسجد ما صلى صلاة بالقنوت ، والله ما استجاب ، والآن أقول لكم : لو أقمنا صلاة الاستسقاء ولم تكن لنا توبة فلن ينزل مطر ، نحن إنتاجنا بفضل الله ستة ملايين طن من القمح ، فلذلك القضية ليست قضية شكليات عند الله ، بل قضية مضامين ، يجب أن نحتفل بالمضامين لا بالعناوين ، وقد قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه النسائي أيضاً : النصحَ النُّصحَ : (( إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له وزير صدق ، إن نسي ذكره ، وإن ذكر أعانه ، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء ، إن نسي لم يذكره ، وإن ذكر لم يعنه )) [ النسائي ] لذلك أخطر شيء من حولك هؤلاء ، يجب أن يكونوا نصحة ، وبطولتك أن تقرب من ينصحك ، وأن تبعد عنك من ينافقك ، قرب من ينصحك على مستوى أسرة ، على مستوى معمل ، على مستوى مدرسة ، على مستوى جامعة ، على مستوى مؤسسة ، الناصح قربه ، والمنافق أبعده . (( إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له وزير صدق ، إن نسي ذكره ، وإن ذكر أعانه ، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء ، إن نسي لم يذكره ، وإن ذكر لم يعنه )) [ النسائي ] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة : (( أعاذك الله من إمارة السفهاء ، قال : وما إمارة السفهاء ؟ قال : أمراء يكونون بعدي ، لا يهتدون بهديي ، ولا يستنون بسنتي ، فمن صدقهم بكذبهم ، وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ، ولست منهم ، ولا يردون علي حوضي ، ومن لم يصدقهم بكذبهم ، ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني ، وأنا منهم ، وسيردون علي حوضي ، يا كعب ، الصيام جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة ، والصلاة برهان ، يا كعب ، الناس غاديان ، فمبتاع نفسه فمعتقها ، وبائع نفسه فموبقها )) [ ورد في الأثر] أيها الإخوة الكرام ، لو أن شخصا الآن مقتنع أنه إنما جاء الغرب للعراق ليشيع فيه الحرية والديمقراطية ، مستحيل ، لأن الواقع عكس ذلك ، الواقع أن ثروات نهب ، الواقع إثارة فتن طائفية ، فلما يشيع الكذب ينشأ مجتمع على الكذب ، إذا تكلم إنسان كلمة غير صحيحة فأنت بأدب قل له : هذا الكلام غير صحيح ، فلما يجد الإنسان من ينتقضه ، ومن يصحح له يضبط نفسه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه وأبي سعيد رضي الله عنهما أنهما قالا : قال عليه الصلاة والسلام : (( لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار )) الله قال : ﴿ فَعَقَرُوهَا ﴾ الذي عقرها واحد ، والآية : ﴿ فَعَقَرُوهَا ﴾ يعني قومه أقروا الذي عقرها ، والآن أحياناً تعتدي دولة فتجد في الانتخابات هذا المعتدي يدعم في ، أنا رأيي الشخصي أن كل من انتخب وزارة بدولة كبيرة ظالمة تعتدي على الشعوب الأخرى المنتخب يحمل الإثم نفسه ، لأنك أنت الذي انتخبته ، في الدول الديمقراطية الإثم ينال جميع المجتمع ، لأن في انتخابات حرة هؤلاء الذي انتخبوا سيحاسبون . (( لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار )) وفي حديث آخر رواه الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : قال عليه الصلاة والسلام : (( من أعان على خصومة )) [ الحاكم ] إيّاكم والتناقض والكيلَ بمكيالين : أيها الإخوة الكرام ، والله الذي لا إله إلا هو تسعون بالمئة من الناس إذا أخطأ الابن تكون الأم مع ابنها ضد زوجته ، وإذا أخطأت البنت يكون أبو البنت مع ابنته ضد صهره ، وإذا أخطأ ابن الشريك ، الشريك الأول مع ابنه ضد شريكه وهكذا ، انحياز أعمى ، ولا إنصاف ، ولا عدل ، نحن نظن أن العدل للقاضي ، أنت قاضٍ بين أولادك ، قاضٍ بين أصهارك ، قاضٍ بين ابنتك وزوجها ، أنت قاضٍ ، معظم الناس ينحازون إلى من يلوذ بهم ، هذا انحياز أعمى ، وهذا فيه ظلم . (( لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار )) (( من أعان على خصومة لم يزل في سخط الله حتى ينزع )) [ ورد في الأثر] أعلم إنسانا شابا غنيا يريد الزواج ، اختار فتاة بارعة الجمال ، لكن لها بيئة دينية ، وهو اعتبر أن جمالها يكفي ، وأن له طريقة معينة يجعلها تتخلى عن التقاليد البالية ، فلما تزوجها إذا هي مؤمنة صدقاً ، فرفضت الاختلاط ، وأن تذهب معه إلى الملاهي والفنادق ، وأن تجلس مع أصدقائه ، ومهرها غال جداً ، فدبرت أمه خطة كي تسامحه بمهرها ، أعطته تعليمات معينة ، يأتي الساعة الثانية ، يبالغ في إهانتها بألوان الإيذاء والظلم ، لم تحتمل ، بعد حين طلبت الخلع مع مسامحته بكل مهرها ، وهذا الذي حصل ، وتزوج امرأة أخرى شاردة عن الله مثله ، فصار يتندر الشاب كلما وقع في مشكلة ، يقول : نفذنا منها كما نفذنا من مهر فلانة ، وحسب نفسه بطلا ، وعنده سيارة ، وله بيت في المصيف ، وفي أحد أيام الصيف ـ انظر الترتيب الإلهي ـ وهو يقود السيارة وزوجته الجديدة إلى جانبه ، ووراءه أمه ، ووراء زوجته أبوه في المقعد الخلفي ، الأب وراء زوجته ، والأم وراء ابنها ، ووقع حادث مروع في الصحراء ، قتل الشاب وأمه فوراً ، كان الأب يستنكر عمل زوجته لظلم هذه الزوجة ، الله كبير ، ومثل هذه القصة آلاف القصص . لا تعِن ظالماً ، لا تعِن ظالماً ، أحياناً الابن يكون ظالما ، والأم تدعم ابنها ضد زوجته ، بطولة الأم أن تكون مع الحق . أيها الإخوة الكرام ، عدل ساعة يعدل أن تعبد الله ثمانين عاماً ، كلمة إنصاف ترقى بها إلى أعلى عليين ، ولو أنك تنصف خصم ابنك . توجيهات نبوية في بيان خطورة التعاون على العدوان : ويقول عليه الصلاة والسلام : (( من خرج من الطاعة ، وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ، ومن قاتل تحت راية عمية ـ يعني ليس فيها وضوح ، تقاتل مع جهة الهدف غير واضح إطلاقاً ، العمية المراد بها الأمر الأعمى الذي لا يستبين وجهه ـ يغضب لعصبة ، أو يدعو إلى عصبة ، أو ينصر عصبة فقتل فقتلته جاهلية ، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ، ولا يتحاشى من مؤمنها ، ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه )) [ورد في الأثر ] هذا القتل العشوائي مخالف للمنهج ، تقتل بريئاً ، تقتل طفلاً ، تقتل امرأة ، بلا دقة ، بلا توجيه معين ، بلا حكم شرعي ، هذه مشكلة كبيرة جداً ، طبعاً بالمقابل : (( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً )) [ مسلم عن جابر] العصبية هنا أن تنحاز إلى قومك على حق أو على باطل ، أن تنحاز إلى ابنك ، أن تنحاز إلى ابنتها على حق أو على باطل ، أن تنحاز إلى شريكك على حق أو على باطل ، الانحياز الأعمى هو العصبية ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : (( ليس منا من قاتل على عصبية ، أو قتل على عصبية )) [ أحمد] لابد من عاطفة عميقة : هناك توجيه لطيف لبعض العلماء ، سعيد بن المسيب هذا تابعي قال : " لا تملئوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم لئلا تحبط أعمالكم الصالحة " . ترى إنساناً أعان ظالماً ، انظر سيارته فخمة ، بيته فخم ، لا ، لو دخلت إلى بيت تاجر مخدرات ، وكان بيته فخماً جداً هل تحترمه ؟ أعوذ بالله ، حتى يفرقوا بين العاطفة العميقة والسطحية ، الإنسان العميق المفكر يحتقر إنساناً غنياً جمع أمواله على أنقاض البشر ، تجار المخدرات جمعوا أموالهم على دمار الشباب . يجب أن تملك عاطفة عميقة ، أنا رأيي لو كان له دخل فقير جداً ، ودخله هذا حلال مئة بالمئة ، ويعرف الله ، وملتزم ، ينبغي أن تحترمه ، وأن توقره ، وأن تحبه ، وأن تعرض عن هذا الذي امتلأ بيته بالتحف والأثاث والأناقة ، والجمال والولائم والفنادق والصالات ، هذا قد يكسب مالاً حراماً ، وذاك ماله حلال ، يجب أن تدعم الحق أن تدعم أهل الحق ، طبعاً يقاس على هذا إذا اشترى الرجل من رجل شيئاً وهو يعلم أنه سرقة فقد شاركه في السرقة ، حتى في القانون يحاسب كسارق . وقال بعض السلف : " ما انتهك المرء من أخيه حرمة أعظم من أن يساعده على معصية ثم يهونها عليه " . لا تساعد على معصية ، ولا تهون معصية على إنسان ، كن مع الحق ، ولا تخش في الله لومة لائم . نتائج التعاون على الإثم والعدوان : أيها الإخوة الكرام ، هذا الخلق الذميم خطير جداً ، هذا الخلق الذميم يكسبك آثام الآخرين ، تحمل أوزاراً كأوزارهم ، لأنك هززت رأسك ، أو أعطيته قلما ، حتى لو أعطيته قلما يوقع فلا تقبل ، لا أسمح لك أن توقع بقلمي قراراً ظالماً ، لذلك لما يكون في المجتمع أناس يقظون ونصحة وجريئون يتقدم المجتمع ، وطن نفسك ألاّ تجامل إنساناً على معصية ، ولا تعن على معصية ، ولا تعن على ظلم ، أما أخطر شيء فمن أعان ظالماً سلطه الله عليه ، وأكبر عقاب أنك إذا أعنت ظالماً كنت أول ضحية له ، من أعان ظالماً سلطه الله عليه . والحمد لله رب العالمين
التربية الإسلامية - الأخلاق المذمومة - الدرس (09-10) : التطفيف لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2007-02-25 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات . أيها الإخوة الكرام ، كما تعودنا سابقاً في هذه السلسلة من الدروس أن سيدنا حذيفة رضي الله عنه كان يقول : (( كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ أقع فيه )) [ متفق عليه ] انطلاقاً من هذا الحديث لسيدنا حذيفة آثرنا في حلقات ثلاثين إن شاء الله أن نتحدث عن الأخلاق المذمومة مخافة أن نقع فيها . من الأخلاق المذمومة : التطفيف : الخلق المذموم اليوم التطفيف ، لأن سورة بأكملها في الجزء الثلاثين تحدثت عن هذا الموضوع ، وهي سورة المطففون . 1 – فائدة لغوية من اسم سورة المطففون : إذا قلنا : المطففون فعلى الحكاية ، وإذا قلنا : المطففين فعلى الإعراب ، تقول : سورة المؤمنون ، وبالإضافة سورة المؤمنين ، لكن لأن المؤمنون اسم لهذه السورة فإنها تبقى على لفظها . 2 – تعريف التطفيف : التطفيف أخذ زيادة عند الشراء وتقليل الوزن عند البيع أيها الإخوة ، التطفيف اصطلاحاً مِن طفّف الكيل إذا قلَّل نصيب المكيل له في إيفائه واستيفائه ، ومن ثَمّ يكون التطفيف تقليلَ نصيب المكيل له ، وزيادة نصيب المكيل إليه ، فإذا اشتريت تأخذ زيادة ، وإذا بعت تعطي الأقلّ ، هذا هو التطفيف . 3 – مفهومُ التطفيفِ الواسعُ : لكن دائماً عندنا مفهوم محدود ومفهوم واسع ، أنا أرى ، ولعلي على صواب أن كل أنواع الغش من التطفيف ، فالمعنى المحدود أن تقدم كيلاً أقلّ ، أو وزناً أقلّ ، أو طولاً أقلّ ، الذين يشترون الأقمشة يكيلون القماش المشترى ، والقماش خط منحنٍ مع المتر ، فإذا باعوا القماش باعوه بخط يكاد الثوب يتمزق ، هذا هو التطفيف ، في العطاء تقلّل ، وفي الأخذ تكثر ، إذا كان التطفيف فيما يبدو في الوزن والكيل والمساحة والعدد فالتطفيف بمعناه الواسع يشمل كل أنواع الغش ، ويمكن أن تستورد بضاعة من دولة صناعية من الدرجة العاشرة ، وتشتري شريطا ذهبيا مكتوبا عليه ( made in france ) ، تطبعه بالمكواة على الثوب ، وتبيعه على أنه بضاعة أوربية ، هذا تطفيف ، مع أنك لا زدت في المكيال ، ولا أنقصت فيه ، لكن أوهمت المشتري أن هذه البضاعة من دولة متفوقة جداً في صنع الأقمشة ، أنواع التطفيف لا تعد ولا تحصى ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : (( لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ )) [ أبو داود ] (( مَنْ غَشَّ )) مطلقاً ، (( لَيْسَ مِنَّا )) وكلمة : ليس منا من أشد أنواع الوعيد ، بل إن سور الجزء الثلاثين في القرآن الكريم سور مكية ، كلها تتحدث عن الكون ، والشمس وضحاها ، والفجر وليال عشر ، والشفع والوتر ، إلى آخره ، وسورة المطففين جاءت في أثناء هذه السور ، وكأنها فيما يبدو مقحمة ، قال بعض العلماء : " إذا كان التطفيف بحق البشر سبب هلاك الإنسان فكيف بالتطفيف بحق خالق السماوات والأرض " ، إذا قللت حق إنسان أنت هالك ، فكيف إذا قللت حق الخالق . أيها الإخوة الكرام ، التطفيف التقليل ، ومنه تطفيف الميزان والمكيال ، ولا يستعمل إلا في الإيجاب ، لا يقال : فلان ما طفف ، لا يستخدم هذا الفعل منفياً ، طفف أي زاد إن كان الأمر له ، وأنقص إن كان الأمر لغيره . أيها الإخوة ، ويستنبط مما جاء به القرآن الكريم أن التطفيف هو الاستيفاء من الناس عند الكيل والوزن ، والإنقاص والإخسار عند الكيل ، أو الوزن لهم ، ويلحق بالوزن والكيل ما أشبههما من المقاييس والمعايير التي يتعامل بها الناس ، كالمساحات . 4 – التطفيفِ من الكبائر : عدَّ ابن حجر صاحب ( كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري ) التطفيف من الكبائر ، فمن الكبائر أن يضرب كفة الميزان بقطعة اللحم فترجح وزنها ، أو يسلط مروحة على ميزان الذهب ، وهناك أساليب قد لا تنتبه إليها ، وكل أنواع التطفيف في الزيادة عند الشراء وفي الإنقاص عند البيع كيلاً ومساحة ، وعدداً ووزناً ، وما يقاس عليها من أنواع التطفيف ، بل إن أوسع معنى من أنواع التطفيف الغش ، (( لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ )) من غش مطلقاً . عدّ ابن حجر التطفيف من الكبائر ، وجعله شاملاً لبخس ، نحو الكيل أو الوزن ، أو الزرع ، وذلك لأنه مِن أكل أموال الناس بالباطل ، والاحتكار أكل أموال الناس بالباطل ، الاحتكار أن توهم المشتري أن البضاعة غير موجودة وقليلة ، ومفقودة ، فترفع السعر ، والبضاعة موجودة ، وبكميات كبيرة ، لكن الاحتكار حبس البيع ، وأنت أخذت مبلغاً من المال لا تستحقه ، هذا من التطفيف ، وأي إيهام للشاري خلاف الواقع من أجل أن تزيد في السعر فهذا من التطفيف ، ولهذا اشتد الوعيد عليه كما علمته من الآية الكريمة : التطفيف كما جاء في القرآن الكريم : الآية الأولى : ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴾ [ سورة المطففين ] إنما سمي مطففاً لأنه لا يكاد يأخذ إلا الشيء الطفيف ، وذلك ضرب من السرقة والخيانة ، مع ما فيه من الإنباء عن عدم الأنفة والمروءة بالكلية ، وهو نوع من السرقة ، لكن بالمناسبة القليل كالكثير ، قضية مبدأ ، إنسان يرفض أن يرتشي مبلغ ألف ، هو نظيف ، أما مليون مليونين فيختلف الأمر ، المبدأ لا يتأثر بالكم ، قضية مبدأ الذي لا يطفف لا يطفف لا قليلاً ، ولا كثيراً ، وقد عاقب الله المطفف بالويل الذي هو شدة العذاب ، حتى في سيارة الأجرة ، هناك فرق مثلاً ثماني ليرات ، يقول له : عوّض الله عليك ، إذا أعطاك الراكب من طيب نفسه فلا مانع ، هذا عن طيب نفس ، أما أن تخجله ، معه زوجته ، أو مع أقربائه ، وتأخذ كمية ليس لك بها حق ، فهذا من التطفيف . الويل كما قال بعض المفسرين : واد في جهنم ، لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت من شدة حره ، نعوذ بالله منه . أيها الإخوة الكرام ، وفي القرآن الكريم : الآية الثانية : ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [ سورة الأعراف ] أضرب مثلاً : تريد أن تشتري غرفة نوم ، الغرفة سريران ، طلبت أنت سريرا واحدا ، يقول لك : ما من مشكلة ، أخصم لك ألف ليرة للسريرين إلى سرير واحد ، أردت أن تشتري غرفة نوم هي سرير واحد ، طلبت سريرين ، يقول لك : ثمانية آلاف ، لماذا بالخصم ألف ، وبالزيادة ثمانية آلاف ، هذا تطفيف ، ليس هناك ميزان واضح ، ودائماً وأبداً المشتري له حق عند البائع ، فإذا طففت أراد أن يلغي سريرا هناك خصم ألف ليرة ، أراد أن يزيد سريرا هناك زيادة ثمانية آلاف ليرة ، هذا تطفيف ، هذا أيضا في المركبات ، إن عرضتها للبيع يأتك السعر بأبخس الأثمان ، إن أردت أن تشتري يرتفع السعر ، هذا أيضاً تطفيف . أيها الإخوة الكرام ، الآية الكريمة الثانية : الآية الثالثة : ﴿ أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ ﴾ [ سورة الشعراء ] أوفوا الكيل ، وفي الحديث الشريف عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِذَا وَزَنْتُمْ فَأَرْجِحُوا )) [ ابن ماجه ] الآية الرابعة : [ ابن ماجه ] ألا تطغوا في الميزان ﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ﴾ [ سورة الرحمن] الآية الخامسة : شيء آخر : ﴿ وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [ سورة هود] أحياناً بأساليب ذكية جداً ، تقلّ من قيمة البضاعة ، عندك بضائع أنواع منوعة ، أنت وكيل بضاعة معينة ، طلب الشاري بضاعة أخرى ، تعطيه الحاجة ، وتلقيها على الأرض ، مالها قيمة ، القيمة لهذه ، وقد تكون التي ألقيتها على الأرض أغلى من هذه ، أو أفضل ، لكن هناك أساليب معينة ، تبخس من قيمة بضاعة ، لا ترغب أن تبيعها ، وتسدد بضاعة تملكها ، أو تتمنى أن تبيعها ، هذا أيضاً من التطفيف . التطفيف كما جاء في السنة النبوية : الحديث الأول : عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال عليه الصلاة والسلام : (( خمس بخمس ، قيل : يا رسول الله ، وما خمس بخمس ؟ قال : ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم ، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الموت ، وما منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر ، ولا طففوا المكيال إلا حبس عنهم النبات )) [الجامع الصغير ] حدثني أخ من كبار تجار دمشق كان والده من تجار الأغنام والصوف ، بعد أن تقاعد والده عن العمل كلف ابنه أن يحل محله ، قال لي : أول رحلة إلى البادية ، قالوا لي : إن هؤلاء الأعراب لو غششتهم فلا شيء عليك ، فأخذ سيارة ، وأخذ ميزاناً يريد أن يشتري من مورد والده الصوف ، فالوزن دائماً بالكيلو ، هذا أعطاه وزنا بالغرامات ، ثلاثة وعشرون كيلوا و ثمانمئة غرام ، هذا الأعرابي البدوي أعجبه ، الوزن دقيق ، ما سمع في حياته غرامات ، كلها كيلوات ، قال : والله هذا الوزن جيد ، لكن بعدما انتهت الكمية عنده حاسة سادسة ، أن الكمية ثمنها ثلاثون ألفاً ، قال له : عشرون ألفاً ، شك ، وزنها ثلاثون وثمانمئة غرام ، يقول له : عشرون وثمانمئة غرام ، مع المجموع كان الرقم أقل بكثير ، فهذا الأعرابي ما فهم القصة ، قال له : إن شاء الله إن كنت غششتني تلقها في صحتك ، يقول لي هذا الأخ الذي الله تاب عليه : بعد ذلك احترت ، دخلت في صراع مع نفسي ، بلغه أنني كنت غلطان ، المشكلة أول تعامل معه ، قال لي : دخلت في صراع مع نفسي ، أقسم بالله من مكان شراء الصوف إلى بلدة الضمير وهو في صراع مع نفسه ، أرجع أعطيه الفرق ، أعترف بخطئي أم أبقى ساكتاً ؟ قال لي : في الضمير أخذت قرارا أنْ ضع في الخرج ، ما الذي حصل ؟ قال لي : ما أكملت هذا الخاطر حتى وجدت نفسي وسط بركة من الدماء ، السيارة تدهورت ، والصوف تناثر ، معه سمن تكسر ، وأخذوه إلى مكان إسعافي ، والقصة طويلة ، لكن أنا وصلت إلى مغزاها ، متى عاقبه الله ؟ حينما أخذ قراراً ، ذكرني هذا بقوله تعالى : ﴿ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ﴾ [ سورة الزخرف] أيها الإخوة الكرام ، صدقوا أن أغبى أغبياء الأرض الذي لا يدخل الله في حساباته ، يظن نفسه قويا ، وهو يحتال على الناس ، ويقنعهم ، ويهددهم ، ويكذب عليهم ، وانتهى الأمر ، لكن الله بالمرصاد . أيها الإخوة الكرام ، يقول ابن عباس رضي الله عنهما : لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلاً ، فأنزل الله عز وجل : ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴾ البيع والشراء جزء من دينك . (( يا سعد ، أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة )) [ الترغيب والترهيب عن ابن عباس ] الحديث الثاني : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال عليه الصلاة والسلام : (( إِذَا وَزَنْتُمْ فَأَرْجِحُوا )) [ ابن ماجه ] الحديث الثالث : وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال عليه الصلاة والسلام لأصحاب الكيل والوزن : (( إنكم قد وليتم أمراً فيه هلكت الأمم السالفة قبلكم )) [ الترغيب والترهيب عن ابن عباس ] الذي يتولى الكيل والميزان تولى أمراً كان الخطأ فيه سبب هلاك أمم . الحديث الرابع : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : (( يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ ، لَمْ تَظْهَر الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا ، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا ، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ )) [ ابن ماجه ] وكأن النبي صلى الله عليه وسلم معنا هذا الذي وقع للمسلمين . أيها الإخوة الكرام ، البيع والشراء جزء من دين الإنسان ، إن كنت بائعاً أو شارياً . مرة حدثني أخ يعمل في مطعم قال لي : والله تعليمات المعلم الأوقية بمئة وخمسين غراماً ، ويدفع ثمن مئتي غرام ، ليس في الوزن سياسة معينة لتقليل الوزن ، هذا أيضاً من التطفيف ، لولا أن التطفيف سلوك واسع جداً من سلوك المنحرفين والمقصرين وضعاف الإيمان لما جاءت سورة في القرآن تشير بهذا المعنى . أقوال الصحابة والعلماء : القول الأول : وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة ـ إذا ائتمنت فلم تكن أميناً ائتمنت على الوزن لم تكن أميناً ـ ثم قال : يؤتى بالعبد يوم القيامة وإن قتل في سبيل الله فيقال له : أدِ أمانتك ، فيقول : أي ربي ، كيف قد ذهبت الدنيا ؟ قال : فيقال : انطلقوا به إلى الهاوية ، فينطلق به إلى الهاوية ، وتمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت إليه فيراها فيعرفها ، فيهوي في أثرها حتى يدركها ، فيحملها على منكبيه ، حتى إذا نظر أنه خارج زلت عن منكبيه فهوي يهوي في أثرها أبد الآبدين ثم قال : الصلاة أمانة ، والوضوء أمانة ، والوزن أمانة ، والكيل أمانة ، وأشياء عدها ، وأشد ذلك الودائع ، فأتيت البراء بن عازب ، فقلت : ألا ترى ما قال ابن مسعود ؟ قال : كذا وكذا ، قال : صدق ، أما سمعت الله يقول : ﴿ إِنّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ >> . أيها الإخوة الكرام ، الناس شاردون وغافلون عن أداء الحقوق ، وحقوق العباد مبنية على المشاححة ، بينما حقوق الله مبنية على المسامحة . القول الثاني : يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : " ما ظهر الغلول في قوم إلا ألقى الله في قلوبهم الرعب >> . الغلول أن تأخذ قبل توزيع الغنائم ، يقاس عليه أن تأخذ من حاجات المتوفى قبل أن توزع على الورثة ، هذه السجادة من رائحة والدي ، أخذ أحلى سجادة قبل التقسيم ، وهذه الساعة من رائحة أمي ، كله كلام منمق ، أن تأخذ شيئاً لا يحق لك ، أن تأخذه هو الغلول ، " ما ظهر الغلول في قوم إلا ألقى الله في قلوبهم الرعب ، ولا فشا الزنا في قوم قط إلا كثر فيهم الموت ، ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا قطع الله عنهم الرزق ، ولا حكم قوم بغير حق إلا فشا فيهم الدم ولا ختر قوم بالعهد ـ أي نقضوا العهد ـ إلا سلط الله عليهم العدو . القول الثالث : وقال رجل لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " يا أبا عبد الرحمن إن أهل المدينة ليوفون الكيل ؟ قال : وما يمنعهم أن يوفوا الكيل ، وقد قال الله تعالى : ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴾ حتى بلغ : ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ القول الرابع : ومرة قال هلال بن طلق : " بينما أنا أسير مع ابن عمر فقلت : من أحسن الناس هيئة ، وأوفاهم كيلاً ، أهل مكة وأهل المدينة ؟ قال : حق لهم : أما سمعت الله تعالى يقول : ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴾ >> . القول الخامس : وقال أُبي رضي الله عنه : " لا تلتمس الحوائج ممن رزقه الله رؤوس المكاييل وألسن الموازين >> . الذي يتوكل بالمكيال والوزن عليه إشكال كبير ، لأنه إذا قصر دخل في قوله تعالى : ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴾ القول السادس : أيها الإخوة الكرام ، قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ﴿ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ﴾ " يأمر الله تعالى بإقامة العدل في الأخذ والإعطاء ، كما توعد على تركه في قوله تعالى : ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴾ أيها الإخوة ، الله عز وجل أهلك قوم شعيب ودمرهم على ما كانوا يبخسون الناس في الميزان والمكيال ، وقول الله عز وجل : ﴿ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ﴾ [ سورة الرحمن] أي لا تبخسوا الوزن ، بل زنوا بالحق والقسط ، كما قال تعالى : ﴿ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ﴾ [ سورة الإسراء : 35] أي من غير تطفيف ، ولا تبخسوا الناس أشياءهم . القول السابع : أيها الإخوة الكرام ، قال الإمام النيسابوري : " صدر الله سبحانه وتعالى صورة المطففين بالنعي على قوم آثروا الحياة الزائلة على الحياة الباقية ، وتهالكوا على الحرص على استيفاء أسبابها حتى اتسموا بأخس السمات ، وهي التطفيف " . القول الثامن : وقال الإمام النيسابوري أيضاً : " اعلم أن أمر المكيال والميزان عظيم ، لأنه مدار معاملات الخلق عليهما ، ولهذا جرى على قوم شعيب بسببه ما جرى " . القول التاسع : وقال بعض العلماء : " ترك المكافأة من التطفيف " ، فإذا قدم لك إنسان هدية ، قدم لك عملاً صالحاً ، خدمك ، وأنت ما شكرته ، وما كافأته على عمله ، هذا أيضاً من التطفيف . إنّ أي خدمة قدمت لك ينبغي أن تشكر الناس عليها ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ )) [ الترمذي ، أبو داود ] أية خدمة قدمت لك ينبغي أن تشكر ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله . مِن مضارِّ التطفيف : بعضهم قال : من مضار التطفيف : ـ التطفيف سبب لسخط الجبار وولوج النار . ـ ويعاقب الله عليه في الدنيا بالقحط والجدب وجور السلطان . ـ والتطفيف دليل على شح النفس ، وتعلق القلب بالكسب الخبيث . ـ والأمة التي يفشوا فيها هذا الداء آيلة إلى الذل والهوان . ـ والكيل والوزن أمانة فمن طفف فقد خان . والله إنْ أذكر لكم أساليب الغش في حياتنا تجدوا الشيء الذي لا يكاد لا يصدق . بعض الإنتاج الغذائي الطحيني تراه ناصع البياض ، وسعره مرتفع ، تكون الطحينة ناصعة البياض بمادة خطيرة جداً ، هي ( سبيداج ) ، تغدو ناصعة اللون ، وسعرها مرتفع ، وهي مؤذية للآكلين . لو وسعنا مفهوم فلتطفيف لشمل كل أنواع الغش . أحياناً تأتي بهرمون ترش به النبات تغدو الفاكهة كبيرة الحجم ، زاهية اللون هذا تطفيف ، لأن هذا الهرمون مسرطن ومؤذٍ ، وأي أذى توقعه بالمشتري أراه تطفيفاً ، والمعنى واسع جداً . ـ والكيل والوزن أمانة ، فمن طفف فقد خان ، ويعد صاحبها في الناس غير أمين ، ويكون محتقراً في المجتمع . ـ والتطفيف يتسبب في إفساد العلاقات بين أفراد المجتمع ، ويكون المطفف قدوة سيئة لمن يتبعه في هذا الأمر ، وذلك يتحمل الوزر والإثم على ما فعل . الدين استقامة في المعاملات : أيها الإخوة الكرام ، تديّنُ الإنسان أساسه الاستقامة ، الدين في الأسواق في البيع والشراء ، في العيادات ، في مكتب المحامي ، في مكتب المهندس ، في الصف ، في المدرسة ، هذا هو الدين ، ﴿ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ ﴾ [ الأعراف : من الآية 85 ] والحمد لله رب العالمين
تفسير القرآن الكريم المرئي - سورة الأعراف 007 - الدرس(49-60): تفسيرالآيات 172 - 174، الأمانة نفسك التي بين جنبيك ـ والإنسان قبِل حملها في عالم الذر لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2008-10-31 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات . الله سبحانه وتعالى خلق الخلائق كلها قبل عالم الصور : خلق الله الخلائق كلها قبل عالم الصور أيها الأخوة الكرام ... مع الدرس التاسع والأربعين من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية الثانية والسبعين بعد المئة ، وهي قوله تعالى : ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ * وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ أيها الأخوة الكرام ، هذه قصة الإنسان ، الله سبحانه وتعالى خلق الخلائق كلها قبل عالم الصور ، خلقها في عالم الذر ، والآية التي توضح هذه الحقيقة هي قوله تعالى : ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ ( سورة الأحزاب ) هذه الآية ، والآية التي هي موضوع الدرس تتكاملان لتكونا قصة هذا الإنسان . القضايا ثلاثة أنواع ؛ إخبارية عقلية و حسية : 1 – دائرة المحسوسات أداة اليقين بها الحواس الخمس : بادئ ذي بدء : بنص الآية التي تلوتها قبل قليل ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ﴾ دائرة المحسوسات أداة اليقين بها الحواس الخمس السماوات ، والأرض ، والجبال تعبير عن كل الخلائق ، الخلائق خلقت قبل عالم الصور ، أنت لك صورة ، وأنا لي صورة ، والحصان له صورة ، والشمس لها صورة ، هذا العالم اسمه عالم الصور ، وكنا قبل هذا العالم في عالم الذر . ولكن القضايا الإخبارية ، لابد من أن يكون واضح لديكم أن هناك قضايا عقلية ، وأن هناك قضايا حسية ، وأن هناك قضايا إخبارية ، كل أمور الدين ، كل حقائق الدين ، كل أفكار الدين لابدّ من أن تتوزع بين دائرة المحسوسات ، ودائرة المعقولات ، ودائرة الإخباريات ، فأنا بحواسي الخمس أرى أن هذا كأس ماء ، وبحواسي الخمس أرى أن هذا مكبر للصوت ، وأن هذا الضوء متألق ، وأن هذه طاولة ، هذه معرفة حسية ، أدواتها الحواس الخمس ، أو استطالته ، الميكروسكوب استطالة للعين ، ترى بالميكروسكوب دقائق الأشياء ، والتليسكوب استطالة أيضاً للعين ترى به الكواكب البعيدة ، فكل شيء يُرى ، أو يُسمع ، أو يُلمس ، أو يُشم ، هذه أشياء مادية أداة اليقين بها الحواس الخمس ، هذه قضية سهلة ، الحواس الخمس أو استطالتها . دليل اليقين في الشيء الذي غابت عينه وبقيت آثاره هو العقل لكن هناك قضايا عقلية ، القضايا الأولى الحسية شيء ظهرت عينه ، أداة اليقين به الحواس الخمس ، هذا الكأس أمامي له وزن ، من بلور صافٍ ، فيها ماء ، هذه معرفة حسية أداتها الحواس ، المس أو استطالتها وهذه ليست موضع خلاف إطلاقاً . لكن الموضوعات الثانية موضوعات حسية ، يا ترى في أسلاك الكهرباء في هذا المسجد هل تسري فيها الكهرباء ؟ الجواب نعم ، قطعاً ، والدليل : هذه آثار الكهرباء ، تألق المصابيح ، تكبير الصوت ، عمل المكيفات ، هذه كلها من آثار الكهرباء ، فالكهرباء غابت عنا ذاتها بقيت آثارها ، هذه معرفة عقلية ، أيضاً هذه المعرفة ليست موضع خلاف إطلاقاً ، هناك عقل يستدل بالأثر على المؤثر ، وبالنظام على المنظم ، وبالخلق على الخالق ، وبالحكمة على الحكيم ، وبالجمال على الجميل ، وبالقوة على القوي . فالشيء إذا غابت عينه وبقيت آثاره دليل اليقين به العقل ، لذلك العقل أصل من أصول المعرفة ، هذا الكون كله مظهر لأسماء الله الحسنى ، وصفاته الفضلى ، ذات الله لا نراها . ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾ ( سورة الأنعام الآية : 103 ) 2 – دائرة المعقولات أداة اليقين بها العقل : لكن كل هذا الكون أثر من آثار خالق السماوات والأرض دائرة المعقولات أداة اليقين بها العقل فنحن نتعرف إلى الخالق من خلال خلقه ، وإلى الصانع من خلال صنعته ، وإلى المسير من خلال تسييره ، وإلى الحكيم من خلال حكمته ، وإلى الجميل من خلال جمال الكون ، هذه المعرفة الثانية المعرفة العقلية ذات الشيء غابت عنا بقيت آثاره ، البعرة تدل على البعير ، والأقدام تدل على المسير ، والماء يدل على الغدير ، أفسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ألا تدلان على الحكيم الخبير ؟ هذه المعرفة العقلية ، أداتها العقل ، طريقها التفكر . ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ ( سورة آل عمران ) هذه المعرفة العقلية ، المعرفة العقلية لابدّ من شيء مادي ، من هذا الشيء المادي أنثقل إلى صانعه ، هل صنعته متقنة ؟ هل صنعته جميلة ؟ هل صنعته محكمة ؟ وهكذا . وهذا الموضوع الثاني أيضاً ليس موضع خلاف إطلاقاً . 3 – دائرة الإخباريات أداة اليقين بها الخبر الصادق : إلا أن الموضوع الثالث ؛ الدائرة الثالثة التي نحن بصددها ، هذه دائرة لا تخضع للعقل أبداً ، العقل يحتاج إلى شيء مادي يدرسه ، يلاحظه ، يحلله ، يفحصه ، يختبره ، ثم يحكم على صانعه ، هذا العقل ، أما الموضوع الثالث ، الدائرة الثالثة موضوع آخر ، العقل لا دور به إطلاقاً ، والحواس الخمس لا دور لها إطلاقاً ، الموضوع الثالث جهة أخبرتنا ، نسميه موضوع إخباري ، أو سمعي فقط . دائرة الإخباريات أداة اليقين بها الخبر الصادق لذلك هذا الموضوع الثالث تنطلق قيمته من المُخبر ، من هو المُخبر ؟ إذا الله عز وجل أحد أكبر مصادر المعرفة إخبار الله لنا ، الله أخبرنا أنه خلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض ، أخبرنا أن بعد الموت إما في جنة يدوم نعيمها ، أو في نار لا ينفذ عذابها ، أخبرنا أنه لابدّ من أن نتصل به كي نسعد بقربه ، أمرنا بالصلاة ، والصيام ، والحج ، والزكاة ، نحن في الدين عندنا جانب كبير ، جانب إخباري ، هذا لا يخضع للعقل أبداً ، وأنصح أخوتنا الشباب ألا تحاوروا أحداً في الموضوع الثالث ، إلا إذا كان مؤمناً بالله ، إن كان ليس مؤمناً تقول له : الملائكة ، يقول لك : أين هي ؟ ما الدليل ؟ لا يوجد دليل معك ، دليل ، معك دليل لك ، كمؤمن ، الله أخبرك ، بل إن الذي أخبرك الله به ينبغي أن تأخذه وكأنك تراه . ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴾ ( سورة الفيل ) من منكم رأى هذه الحادثة ؟ ولا واحد ، وأنا معكم ، لكن من المخبر ؟ هو الله عز وجل ، نحن في هذه الآيات لا تخضع للعقل أبداً ، ولا أتمنى عليكم أن تطرحوا أسئلة حولها موضوع إخباري لا يخضع للعقل أبداً ، لا للتحليل ، ولا للدرس ، ولا للسؤال . قبول الإنسان حمل الأمانة و رفض جميع الخلائق ذلك : أخبرنا ربنا أنه خلقنا في عالم قبل عالم الصور ، وأنه عرض علينا ، وأن معظم المخلوقات أشفقن منها ، وأن الإنسان قال أنا لها ، وحملها ، وأنه إذا أدى الأمانة ، لم يكن ظلوماً جهولاً ، أما إذا خان الأمانة : ﴿ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ ( سورة الأحزاب ) الإنسان قبل حمل الأمانة ورفضت جميع الخلائق ذلك موضوع إخباري ، خلقنا الله عز وجل في عالم الذر ، قبل أن نكون في عالم الصور وعرض علينا الأمانة ، وجميع الخلائق أبى أن يحملها ، وخاف منها ، وحملها الإنسان . من حمل الأمانة و أدى ما له و ما عليه دخل الجنة : الآن لأنك إنسان بحسب هذه الآيات أنت خُلقت في عالم الذر مع بقية المخلوقات ، فلما عرض الله الأمانة على هذه المخلوقات ﴿ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾ ولأنك إنسان إذاً أنت قبلت حمل الأمانة ، يجب أن تعرف نفسك ، الإنسان أعلى المخلوقات إطلاقاً . من حمل الأمانة و أدى ما له و ما عليه دخل الجنة للتقريب : أب عنده عشرة أولاد ، غني كبير ، قال : كل واحد منكم له راتب شهري ، ومركبة ، وبيت ، وزوجة ، أما الذي يقبل أن يذهب إلى بلاد بعيدة ، ويأتي بالدكتوراه في إدارة الأعمال أمنحه هذا المعمل كله ، هناك عرض ، تسع أخوة خافوا ، أريح أن يبقى في بلده ، وله راتب شهري خمسين ألفاً ، وله زوجة وأولاد ، وسيارة ، أما هذا الأخ العاشر كان طموحاً ، قال أنا لها ، أرسله أبوه ، إن أتى بالدكتوراه تَمَلّك المعمل كله ، وإن لم يأتِ بها كل أخوته أفضل منه لذلك : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ ( سورة البينة ) أعلى من الملائكة . ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾ ( سورة البينة ) من هنا قال الإمام علي رضي الله عنه : رُكب الملك من عقل بلا شهوة ، ورُكب الحيوان من شهوة بلا عقل ، و رُكب الإنسان من كليهما ، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة ، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان . خيروه بين أن يكون طياراً ، تأخذ بالشهر خمسمئة ألف مثلاً ، و بين أن تكون سائق سيارة على الأرض ، على الأرض القضية سهلة تعطلت تبلغ صاحبها ، تذهب إلى بيتك ، لكن بالطائرة ما في تبلغ صاحبها ، وقد مات جميع ركابها ، خمسمئة ألف مقابل احتمال الموت ، أما على الأرض الاحتمال أقل . دائرة المرئيات و دائرة المسموعات و دائرة الخواطر : لذلك الإنسان حينما قبل حمل الأمانة ، فإن لم يحملها أمامه النار ، خالداً فيها أبداً وإن حملها أمامه الجنة . (( ما لا عين رأتْ ولا أذن سمعتْ ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ )) [أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة ] دائرة المرئيات أقل دائرة والمسموعات أكبر منها بكثير أما الخواطر فلا تنتهي ما لا عين رأت ، هذه دائمة ، ولا أذن سمعت ، أوسع بكثير ، أنت زرت القاهرة ، وعمان ، وبيروت ، وباريس ، فقط ، يوجد هنولولو ، هذه أنت ما زرتها ، لكن تسمع عنها ، يوجد موزنبيق ، هناك دول ، دائرة المرئيات أقل دائرة ، المسموعات أكبر بكثير ، أما الخواطر لا تنتهي ، قد تقول تصور إنساناً طوله للقمر ، خاطر هذا ، ما له أي ضابط ، فهناك دائرة اسمها دائرة المرئيات . (( أعْدَدْتُ لعباديَ الصالحين ما لا عين رأتْ )) [أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة ] وهناك دائرة أكبر اسمها دائرة المسموعات ، ولا أذن سمعت ، و دائرة لا تنتهي دائرة الخواطر ، ولا خطر على قلب بشر ، فإذا الإنسان حمل الأمانة ، وأداها كما أراد الله ، كان فوق الملائكة ، فوق بكثير ، من هنا يُعد الإنسان أكبر مغامر ، إما إلى جنة يدوم نعيمها ، أو إلى نار لا ينفذ عذابها ، فلذلك رأى النبي عليه الصلاة والسلام جنازة فقال : (( مستريح ، أو مُسْتَراح منه ، فقالوا : يا رسول الله ما المستريحُ ، وما المستَراح منه ؟ فقال : العبد المؤمنُ يستريح من نَصَب الدنيا ، والعبد الفاجرُ يستريح منه العبادُ ، والبلادُ ، والشجر ، والدواب )) [أخرجه البخاري ومسلم والنسائي ومالك عن أبي قتادة ] الآن العالم كله ينتظر بفارغ الصبر نهاية ولاية بوش . (( يستريح منه العبادُ والبلادُ ، والشجر والدواب )) هذه المشكلة . الأمانة التي قبلت حملها هي نفسك التي بين جنبيك : الأمانة التي قبلت حملها هي نفسك التي بين جنبيك أيها الأخوة ، لأنك من بني البشر أنت في عالم الذر ، قبلت حمل الأمانة ، لأنك من بني البشر ، ولأنك من بني البشر أنت مهيأ أن تكون فوق الملائكة ، كلام دقيق هذا كلام في صميم العقيدة ، لأنك إنسان أنت مهيأ أن تكون أعلى مخلوق . الآن ما هي الأمانة ؟ ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ ﴾ ما هي الأمانة ؟ إياكم أن تفهموا الأمانة فهم محدود جداً ، إنسان أودع معك شيء كأمانة ، ثم طلبه منك ، لا ، القضية عميقة جداً الأمانة في إجماع العلماء نفسك التي بين جنبيك ، سلمها الله لك ، أودع فيها الشهوات ، تشتهي المال ، هذه جماد ، لم تقبل حمل الأمانة ، هذه الطاولة لا تشتهي ، طاولة أنثى ، لا تشتهي تأكل ، اتركها مئة سنة تبقى بمحلها ، ما في حركة ، أما أنت تشتهي أنثى ، تشتهي مالاً ، تشتهي أن تكون كبيراً في نظر الناس ، بمنصب رفيع ، تشتهي زوجة جميلة ، تشتهي بيتاً مريحاً ، تشتهي أموالاً طائلة ، أموالاً منقولة وغير منقولة ، تشتهي المتعة ، أودع فيك الشهوات ، إله . ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ والبنيين وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ ( سورة آل عمران الآية : 14 ) العقل ميزان الإنسان ليرقى إلى رب السماوات و الأرض : أودع فيك الشهوات ، أعطاك عقلاً ، هذا العقل ميزان دقيق . ﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ﴾ ( سورة الرحمن ) العقل ميزان الإنسان ليرقى إلى رب السماوات و الأرض معك ميزان ، عامل الناس كما تحب أن يعاملوك ، أودع فيك الشهوات لترقى فيها إلى رب الأرض والسماوات ، تشتهي المرأة ، وقد أمرك الله أن تغض البصر عنها فتغض البصر عنها وتقول : يا رب احفظني من أن أُفتن . ﴿ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ ﴾ ( سورة يوسف الآية : 33 ) أودع فيك شهوة المال ، وهناك دخل حرام ، و دخل حلال ، امتحنك الله . ﴿ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾ ( سورة المؤمنين ) بالشهوات ترقى إلى الله صابراً و شاكراً : أنت ترقى مرتين ، ترقى مرة حينما تقول إن أخاف الله رب العالمين ، ترقى صابراً وترقى شاكراً ، تزوجت الله هيأ لك زوجة صالحة جميلة ، فإذا ملأت عينيك من محاسنها ، لك أجر ، هذه هدية من الله ، ترقى إلى الله هنا شاكراً ، وإذا مرت امرأة لا تحل لك ترقى إلى الله صابراً ، ترقى بالشهوة مرتين ، لك معاش محدود ، اشتريت الطعام ، والشراب ، أكلت أنت وأولادك ، يا رب لك الحمد ، وهناك طريق غير مشروع ممكن تهرب مخدرات ، تربح ألف ضعف ، من مكان زراعتها إلى مكان بيعها يوجد ألف ضعف ، يقول لك : أغنى الأغنياء في العالم تجار مخدرات ، امتحنك ، المال محبب ، إما أن تكسبه حلالاً لكن لا يكون كثيراً جداً هناك جهد ، أو أن تكسبه حراماً ترقى مرتين ، إن قلت هذه الصفقة مشبوهة ، إني أخاف الله رب العالمين ترقى إلى الله صابراً ، وإذا كان صفقة مشروعة وربحت منها ربحاً معقولاً ، وأنفقت هذا المال على نفسك وأهلك ترقى إلى الله شاكراً ، أودع فيك حب المال وحب النساء ، ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ والبنيين ﴾ الأولاد ، ﴿ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ﴾ والسيارة ، ﴿ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ ﴾ وقتها ، الآن يقابلها سيارة ، ﴿ وَالْأَنْعَامِ ﴾ مزرعة ﴿ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ أودع فينا الشهوات . الله عز وجل زود الإنسان بمجموعة من المقومات لمعرفة الطريق الصحيح منها : 1 ـ الفطرة : أعطاك عقلاً ، ميزاناً ﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ﴾ أعطاك فطرة عظيمة برمجك برمجة ، جبلك جبلة بطريقة أنك تكتشف خطأك بذاتك ، آتي بمثل دقيق : الله أعطاك فطرة عظيمة تشعرك بالكآبة إذا أخطأت دخلت إلى البيت الساعة الواحدة ، قالت لك والدتك : ماما أنا رأسي يؤلمني أريد أسبرين ، تقول لها : الساعة الواحدة كله مغلق ، قالت : خير إن شاء الله ، لكنك تعلم علم اليقين أن الصيدليات مناوبة ، هي لم تحرجك سكتت ، تريد أن تنام لا تستطيع ، أمك يؤلمها رأسها أنت صرفتها عن هذا الطلب ، لم تتكلم شيئاً ، بعدها شعرت أن الوالدة غالية ، نهضت ، فرضاً ليس أسبرين دواء ثانٍِ ، أول صيدلية ، الثانية ، الثالثة ، درت عليهم كلهم لا يوجد هذا الدواء ، الوالدة بالمرتين الدواء لم تستخدمه ، لكن أول مرة تنام غير مرتاح ، المرة الثانية بعد جولة ساعة تنام مرتاحاً ، أنت أديت الذي عليك ، واضح تمام ؟. الفطرة دقيقة جداً ، شخص دهس طفلاً الساعة الثانية بالليل ، وتابع سيره ، والضبط كُتب ضد مجهول ، يقول لي قريبه : أكثر من أربعين يوماً ما تمكن من النوم . برمجك برمجة إذا أخطأت تشعر بكآبة ، تشعر بالذنب ، تشعر بالخطأ ، تشعر أنك صغير ، لو لم يعلم أحد بهذا الخطأ ، برمجة داخلية هذه فطرة ، أعطاك عقلاً ، مقياس مادي ، أعطاك فطرة ، مقياس نفسي ، أعطاك شهوات قوة دافعة ، وأعطاك حرية اختيار . ﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ ( سورة الكهف الآية : 29 ) 2 ـ الشهوة : أعطاك شهوة ، عقل ، فطرة ، حرية ، أعطاك منهجاً (شرع) في حلال ، في حرام ، الزواج له طريقة في الإسلام الله أعطاك فطرة عظيمة تشعرك بالكآبة إذا أخطأت المال له طريقة في الكسب ، خالفوا الناس ربهم بالأرض كلها ، خالفوه فخسروا أموالهم كلها ، والله درس الأزمة المالية بالعالم والله درس بليغ من الله ، الله عز وجل أظهر آياته . ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾ ( سورة البقرة الآية : 286 ) 3 ـ العقل : أعطاك منهجاً ، معك منهج ، ومعك عقل ، ومعك فطرة ، ومعك شهوة ، الشهوة كالمحرك قوة دافعة ، مُسرع يريد أن يأكل جوعان ، يريد أن يشتري بيتاً ويتزوج ، أعطاك شهوات ، قوة دافعة ، أعطاك عقلاً ميزان دقيق ، أعطاك فطرة ميزان نفسي آخر ، معك ميزانين العقل والفطرة ، معك شهوة . 4 ـ حرية الاختيار : أعطاك حرية ، قيمة عملك أنك حر ، ﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾ ( سورة الإنسان ) 5 ـ الشرع : أعطاك شرعاً ، للتقريب : الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع هذه السيارة فيها محرك هو الشهوة ، قوة اندفاع ، وفيها مقود هو العقل ، وفيها طريق هو الشرع ، مهمة العقل أن يستخدم هذا المقود ليبقي المركبة وهي مندفعة على الطريق ، الطريق هو الشرع ، والمحرك هو الشهوة ، والطريق هو الشرع . مثل آخر : يوجد بالجيب اليمين جهاز كشف العملات المزورة ، هذا يتحسس بالمعادن ، العملات فيها معدن ، تضعه على الجهاز يظهر لون برتقالي ، معناها عملة صحيحة ، إذا ورق فقط من دون معجونة خاصة يظهر لون آخر ، فمعك جهاز كشف العملات المزيفة ، معك بالجيب الثاني قائمة بأرقام العملات المزيفة ، هذا الشرع ، باليسار في شرع ، باليمين في عقل ، فأنت بعت بيتك بعملة صعبة ، لا استخدمت الجهاز ، ولا قرأت أرقام العملات ، ظهر المبلغ كله مزور الخطأ خطأك ، معل عقل ، ومعك شرع ، واضح تمام ؟. فلما قال لك احمل الأمانة ، الأمانة نفسك التي بين جنبيك ، أعطاك عقلاً ، أعطاك فطرة ، أعطاك شهوة ، أعطاك إرادة ، أعطاك شرعاً ، الحسن ما حسنه الشرع ، والقبيح ما قبحه الشرع . الإنسان الظلوم الجهول من خان حمل الأمانة : أيها الأخوة الكرام ، ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾ الإنسان الظلوم الجهول من خان حمل الأمانة الآية الآن دقيقة : ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ إذا ابن كان طموحاً هل يقال له ظلوم جهول ؟ لا ، بالعكس ، لذلك يمكن أن تقرأ الآية بصيغة الاستفهام ، ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ ؟ ما كان ظلوماً جهولاً ، كان طموحاً ، فلما قبل حملها وخانها ، ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ هذه الآية تُقرأ لمن أدى الأمانة بطريقة استفهامية ، وتقرأ لمن خان الأمانة بطريقة تقريبية ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ ؟ لا ما كان ظلوماً جهولاً لما قبل حملها ، لكن إذا خان الأمانة ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ لذلك ورد في الجامع الصغير حديث لا يرتقي إلى مستوى الصحاح يقول : (( إن العار ليلزم المرء يوم القيامة حتى يقول يا رب لإرسالك بي إلى النار أيسر علي مما ألقى وأنه ليعلم ما فيها من شدة العذاب )) [ أخرجه الحاكم عن جابر بن عبد الله ] من عرّف نفسه بربها و حملها على طاعته سلم و سعد في الدنيا و الآخرة : والله أيها الأخوة ، هؤلاء البشر الذين يقتلون ، يسفكون الدماء ، هؤلاء الطغاة ، الذين يقهرون الشعوب ، يقتلون بالمئات ، بالآلاف ، الذين ألقوا على هيروشيما قنبلة ذرية قتلت ثلاثمئة ألف بأربع ثوان ، هؤلاء المجرمون في العالم ، لو رأيتهم يوم القيامة ، وقد أصابهم ألم لا سبيل إلى وصفهم ، قال تعالى : ﴿ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ﴾ ( سورة البقرة ) أعطينا ميزانا مضبوطا وهو الشرع وهو الضابط لميزاني العقل والفطرة فلذلك لأنك إنسان أنت المخلوق الأول ، ولأنك مخلوق أول أودع الله فيك الشهوات لترقى بها صابراً ، أو شاكراً ، إلى رب الأرض والسماوات ، ولأنك إنسان أُعطيت حرية الاختيار ، ﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ ولأنك إنسان أُعطيت فطرة تكشف لك فطرتك ، ولأنك إنسان أُعطيت شرعاً ضابطاً لميزاني العقل والفطرة ، معك ميزانين ، لكن الميزانان قد يلعب بهما ، عندنا ميزان مضبوط جداً هو ميزان الشرع ، الحسن ما حسنه الشرع ، والقبيح ما قبحه الشرع . فلذلك : ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها من هنا الأمانة هي نفسك التي بين جنبيك . ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا *وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ ( سورة الشمس ) أفلح بالقرآن وردت أربع مرات ، نجح نجاحاً عظيماً ، قلت أفلح يعني نجح ، وتفوق وسلم ، وسعد ، ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾ يعني أكبر هدف لك أن تزكي نفسك من أمراض تعد سبب هلاك الإنسان في الآخرة ، ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾ لا يوجد عنده حقد ، لا يوجد عنده ظلم ، لا يوجد عنده أكل حقوق ، لا يوجد اعتداء على الأعراض ، ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ الذي أبقاها جاهلة ، وسمح لها أن تفعل المعاصي والآثام ، ولم يردعها ﴿ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ أما إذا عرفها بربها ، وحملها على طاعته ، وحملها على اِتباع منهج نبيه ، فسمت نفسه على الله ، ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا *وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ الله سبحانه وتعالى أخذ من سيدنا آدم ذريته كلها في عالم الذر : آية اليوم : ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ الله سبحانه وتعالى أخذ من سيدنا آدم ذريته كلها في عالم الذر أودع الله في سيدنا آدم نفوس الخلائق كلها إلى يوم القيامة ، كل البشر أودعت نفوسهم في سيدنا آدم ، فالله عز وجل أخذ ، المأخوذ منه سيدنا آدم ، المأخوذ نفوس البشر من آدم إلى يوم القيامة ، الآن كل إنسان آخذ ومأخوذ ، في ظهره أولاده ، هو يؤخذ منه أولاده ، وأولاده يأخذون من أبيهم ، يأخذ ويؤخذ . ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ بادئ ذي بدء أودع الله في ظهر سيدنا آدم الخلائق (البشرية كلها) من آدم إلى يوم القيامة ، لكن هناك صنفان من المخلوقات سيدنا آدم أُخذ منه ، ولم يؤخذ من أحد ، وآخر إنسان قبل يوم القيامة لم يؤخذ منه بل أخذ من أبيه فقط ، هناك إنسان أخذ من أبيه ولم يؤخذ منه ، هذا آخر واحد ، أول واحد أُخذ منه ولم يؤخذ من أحد ، أما بقية البشر آخذ ومأخوذ ، يعني الملخص أن الله سبحانه وتعالى أخذ من سيدنا آدم ذريته كلها ، في عالم الذر . تسخير ما في السماوات و ما في الأرض لمن قبل حمل الأمانة : وقال : ﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ﴾ تسخير ما في السماوات والأرض لمن قبل حمل الأمانة يعني أودع في فطرنا الإيمان بالله ، كل واحد مودع في فطرته الإيمان بالله ، هذا الإيمان الفطري أعظم إيمان ، وعقله مبرمج على مبدأ السببية والغائية وعدم التناقض ، قوانين عقله تدعوه أن يؤمن بالله ، وقوانين فطرته تدعوه أن يؤمن بالله ، هذا الميثاق . ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ أخذهم دفعة واحدة ﴿ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ﴾ أنتم قبلتم حمل الأمانة ، ولأنكم قبلتم حمل الأمانة سخر الله لهذا الإنسان : ﴿ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ﴾ ( سورة الجاثية الآية : 13 ) ولأنه قبل حمل الأمانة أعطاه عقلاً ، وفطرة ، وشهوة ، وحرية ، وشرعاً . ﴿ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ﴾ أنتم قبلتم حمل الأمانة ، ولأنكم قبلتم حمل الأمانة سخرت لكم ﴿ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾ لكم ، ولأنكم قبلتم حمل الأمانة ، أودعت فيكم الشهوات ، ولأنكم قبلتم حمل الأمانة أعطيتكم العقل وهو أداة معرفة الله ، ولأنكم قبلتم حمل الأمانة أعطيتكم الشهوات ، أعطيتكم الاختيار ، أعطيتكم الفطرة ، أعطيتكم الشرع . ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ﴾ قد يقول واحد منكم : أنا لا أتذكر ، لأنك أنت مجبول على الإيمان بالله ، هذه الأمانة ، الله منحك إياها ، أنت مجبول في فطرتك على أن تؤمن بالله ، ولأن عقلك مبرمج على الإيمان بالله ، يعني العقل والفطرة هما الميثاق الذي منحك الله إياه فيما بينك وبينه . العقل و الفطرة كافيان لمعرفة الله واتباع أوامره : ﴿ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ﴾ هذه الشهادة لئلا ﴿ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ التقليد مرفوض فالعقل والفطرة كافيان لمعرفة الله واتباع أوامره قال تعالى ، يوم القيامة يقول هذا الكافر : ﴿ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ *انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ﴾ ( سورة الأنعام ) ﴿ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ تقليد لا يوجد ، أودع الله فيك عقلاً و فطرة كافيان لمعرفة الله ، لو كان الأب منحرفاً ، لو كان الأب كافراً . ﴿ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ التقليد مرفوض ، الله منحك عقلاً ومنحك فطرة . ﴿ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ هذه الآية ، مع آية : ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾ هاتان الآيتان تتكاملان ، وتتحدث الآية الأولى والثانية عن قصة الإنسان حينما خلقه الله في عالم الذر ، وعرض عليه الأمانة ، وقبل حملها ، ولذلك استحق أن يكون فوق الملائكة إذا أداها ، واستحق أن يكون دون الحيوان إذا خانها .
من كلام علي بن أبي طالب 1- أول ما تنكرون من جهادكم : جهاد أنفسكم
2- لا يرجون عبد إلا ربه ولا يخافن إلا ذنبه
3- من زهد في الدنيا هانت عليه المصائب
<<
>>
1 2 3

Enter your name:

TO BE CONTINIUED :

Enter your name:

jquery.easyAudioEffects.js

EasyAudioEffects.js

Easily set up sound effects to HTML elements

Download on GitHub

Latest Version : v1.0.0
with jQuery - v1.7.0 or Later.

About

easyAudioEffects.js easyAudioEffects.js is jquery plug-in. This can be given a very easy sound effects for any of the elements on your WEB site.

compatible browser

This plug-in is the reaction slightly in Safari is slow. (Jun , 2015)

Usage

Basic Usage

                //v1.7.0〜
               
            

jQuery v1.7.0 or later.

               $('.selector').easyAudioEffects({
                  ogg : "/path/to/sound.ogg",
                  mp3 : "/path/to/sound.mp3"
               });
            

Available Options

Parameter Type Default value Description
ogg string none Specify the file path Required
mp3 string none Specify the file path Required
eventType string "hover" Could be "hover" or "click"
playType string "oneShotPolyphonic" Could be "oneShotPolyphonic" , "oneShotMonophonic" , "gate" or "loop"

Examples

eventType :

HOVER!

CLICK!

               $('.selector').easyAudioEffects({
                  ogg : "./path/to/sound.ogg",
                  mp3 : "./path/to/sound.mp3",
                  eventType : "hover" // or "click"
               });
            

playType :

playType : "oneShotPolyphonic"

TRACE!

BARRAGE!

                  $('.selector').easyAudioEffects({
                     ogg : "./path/to/sound.ogg",
                     mp3 : "./path/to/sound.mp3",
                     eventType : "hover", // or "click"
                     playType : "oneShotPolyphonic"
                  });
               

playType : "oneShotMonophonic"

TRACE!

BARRAGE!

                  $('.selector').easyAudioEffects({
                     ogg : "./path/to/sound.ogg",
                     mp3 : "./path/to/sound.mp3",
                     eventType : "hover", // or "click"
                     playType : "oneShotMonophonic"
                  });
               

playType : "gate"

HOVER!

CLICK!

                  $('.selector').easyAudioEffects({
                     ogg : "./path/to/sound.ogg",
                     mp3 : "./path/to/sound.mp3",
                     eventType : "hover", // or "click"
                     playType : "gate"
                  });
               

playType : "loop"

HOVER!

CLICK!

                  $('.selector').easyAudioEffects({
                     ogg : "./path/to/sound.ogg",
                     mp3 : "./path/to/sound.mp3",
                     eventType : "hover", // or "click"
                     playType : "loop"
                  });
               

Licence

easyAudioEffects.js licensed under MIT license.
You are free to use easyAudioEffects.js for your personal or commercial websites projects.

The latest source code is available on GitHub.

Made by RM
Anchor font-family
A Countdown Timer Count Down Timer - Happy Codings :-) C++, C#, HTML, Java, JavaScript Code Examples

2-Way Background Images SlideShow Modify your tag to add the following onload event Method One - Positionable Images ---------- "الله أكبر"
2-Way Background Images Slides Happy Codings :-) JavaScript Code Examples

Happy Codings :-) JavaScript Code Examples
by JavaScript Code Examples

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد

اللهم اني اشكو اليك ضعف قوتي وقلت حيلتي وهواني على الناس ، انت رب المستضعفين وانت ربي لا اله الا انت ، الى من تكلني ؟ الى عدو يتجهمني ، ام الى عدو ملكته امري ، ان لم يكن بك سخط علي فلا ابالي غير ان عافيتك هي اوسع لي ، اعوذ بنور وجهك الكريم ، الذي اضاءت له السموات والأرض وأشرقت له الظلمات ، وصلح عليه امر الدنيا والآخرة من أن يحل علي غضبك او ينزل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة لنا الا بك

Un exemple

Vous testez un script...
Enjoy ;)

BY.Mahmoud TalaaT

ahla montada
مرحبا ً بكم

بسم الله الرحمن الرحيم

[/center]
Tout JavaScript.com - Clignotement dans la barre de statut
Message clignotant dans la barre de statut


Observez la barre de statut du navigateur.
Un script simple mais efficace où vous pouvez paramétrer votre message et les délais de clignotement :
- une durée d'affichage (ici 1 seconde)
- une durée d'effacement (ici 0.5 seconde)




Tout JavaScript.com
JScript - Menu TEXTE paramétrable
Tout JavaScript.com - Bouton clignotant
Bouton de formulaire clignotant


Ce script fait clignoter le libellé d'un bouton. Le texte et les délais d'affichage sont paramétrables.
Le délai d'affichage du bouton vide est plus court qu'avec le texte afficher.
Cliquez pour démarrer le clignotement du bouton











Tout JavaScript.com
Tout JavaScript.com - Les différents messages javascript
Les différents messages en javascript


Javascript propose 3 types de messages pour communiquer avec le visiteur.
Cliquez sur les boutons pour en voir des exemples.
1 - Message d'information
Permet simplement d'afficher un texte au visiteur

2 - Question
Permet de poser une question au visiteur qui peut répondre par Oui ou Non

3 - Saisie de texte
Permet au visiteur de saisir un texte dans une boîte de dialogue

Click here to be magically transported...
- jQuery UI Spinner - Default functionality

jQuery UI Widget - Default functionality
color me
color me
color me
Lesson 7: Leave Boring Repetitive Stuff to JavaScript with Loops

Lesson 7: for Loop

Lesson 3: Events and Event Handlers

Lesson 3: Events and Event Handlers

Click Me!
My first JavaScript page

Enter password:

© nizer's Menu's
Lunch Menu | Catering Menu | Main Menu

Open window

Hello, world!!

Linear Website Structure


:«للتسجيل بالمنتدى أستخدم الرابط التالي¡»





╣مكتبة المرئيات╗





Border-radius: Scale:
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
Body Code:44

:إستمع للقرآن الكريم

Rounded image

«Ce n’est pas la volonté qui mène au but, mais le but qui donne la volonté.»

nous localiser
carte

Free Java applets provided by
JavaScript Kit

Ultimater's Array.prototype.addImg example